Sunday, April 13, 2014

بين مطرقة أزمة وسندان أخرى: يواجه لاجئوا أعالي النيل مخاطر لامهرب منها



دهورت الأوضاع الأمنية في محافظة المابان بولاية أعالي النيل بجنوب السودان، حيث يتم إيواء لاجئين من النيل الأزرق، على نحو خطير بعد ظهر أمس الثالث من مارس عندما قامت مجموعة مسلحة مجهولة الهوية ترتدي بزات عسكرية، قيل أنها تنتمي إلى قبيلة المابان، بمهاجمة المدنيين مرتين بالقرب من معسكر يوسف باطل للاجئين. لا يعرف على وجه التحديد عدد الذين لاقوا حتفهم أو جرحوا أوالذين هم في عداد المفقودين، غير أنه على الأقل هناك تقاريرعن وفاة لاجئ واحد وهناك أكثر من 12 فرداً في عداد المفقودين. كما ذكر أن العديد من رؤوس الماشية قد نهبت. واحتمى المئات من اللاجئين بمقر مجاور لإحدى المنظمات غير الحكومية بينما روغ العديد من اللاجئين في المعسكرات بما في ذلك النساء والاطفال من احتمال اندلاع المزيد من أعمال العنف.
ظلت الحالة الأمنية متذبذبة في مقاطعة المابان، حيث يتم إيواء أكثر من 122000 من لاجئي ولاية النيل الأزرق السودانية في أربع معسكرات – هي كايا (18610)،و يوسف باطل (39000)، ودورو(47160)، وجندراسا (17200). واستمرت التوترات حول المخيمات في تصاعد مستمر نتيجة للمواجهات المتكررة في أعالي النيل بين الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي ظل على ولائه لحكومة الرئيس سلفا كير والمعارضين له في الحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان الموالين للنائب السابق للرئيس رياك مشار. تصاعدت التوترات مرة أخرى في أعقاب المعارك العنيفة مؤخراً والتي اندلعت من أجل السيطرة على ملكال، عاصمة ولاية أعالي النيل والضغط من قبل القوات الموالية لمشار من أجل السيطرة على حقول النفط، خاصة حقل عدار يل، الواقعة في مقاطعة المابان في الجوار المباشرلمخيمات اللاجئين.
وقد ضاعفت الحرب الدائرة في جنوب السودان من التوترات المتأججة بين المجتمعات المضيفة في المابان والتي طفحت إلى السطح بوصول أعداد كبيرة من اللاجئين مما زاد من حدة التنافس على الموارد الطبيعية. ونظراً لاندلاع الصراع العنيف على السلطة في جنوب السودان والتدهور الناجم في خيارات سبل العيش مع حيازة المجموعتين لأسلحة صغيرة من الحرب الأهلية طويلة الأمد في السودانين فإنه لم تكن سوى مسألة وقت حتى يقع حادث خطير. لقد قادت دائرة العنف إلى مواجهة الأمس.
علاوة على  أن الصراع بين الحركة الشعبية / الجيش الشعبي والحركة الشعبية / الجيش الشعبي في المعارضة قد خلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وسط المدنيين السودانيين الجنوبيين وتسبب بنزوح أكثر من 900000 من ديارهم، فقد عرض اللاجئين في ولايتي أعالي النيل والوحدة إلى مزيد من المخاطر. فهؤلاء اللاجؤون يعتمدون اعتماداً كبيراً على المساعدات الإنسانية التي تقدمها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وشركاءها. وقد أجبر الصراع وكالات العون الإنساني على إجلاء موظفيها وأدى إلى إغلاق الطرق وسبل النقل النهري ودفع ما تبقى من وكالات العون الإنساني إلى الحد من خدماتها وقصرها على خدمات الطوارئ فقط. وأدى الصراع كذلك إلى تعليق الخدمات التي تمس الحاجة إليها، بما في ذلك التعليم والصحة العامة. وعلى الرغم من استئناف معظم الأنشطة في المخيمات ،إلا أن الوضع قد تدهور لاسيما وأن مخزون المواد الغذائية قد نفد وتعطلت انظمة المياه النقية التي كان يديرها متطوعون من الأهالي المحليين، مما زاد من مخاطر انتشار الأمراض خاصة الإسهال والتهاب الكبد. وأوردت المفوضية تقارير عن مخاوف كبيرة عن مستويات التغذية في مخيمات المابان بما في ذلك حالات نقص البروتين.
بدأ المدنيون الفارون من القتال في ملكاك وما جاورها دخول منطقة المابان خلال الأسابيع القليلة الماضية بحثاً عن ملاذ آمن. ولو تطور هذا الأمر إلى تدفق كبير فإن مثل هذا الوفود الكبير سيزيد من الضغط على خدمات الإغاثة. فهناك على الأقل 45000 منهم في منطقة  بينيشاوا بمحافظة المابان. وتبقى الخيارات حول إيصال المواد الغذائية إلى المخيمات في حال ساءت االأحوال الأمنية، مثل الإسقاط الجوي أو فتح طرق برية من جمهورية السودان أو إثيوبيا، محدودة إن لم تكن مستحيلة. وفي الواقع إن العمليات الإنسانية على نطاق جنوب السودان تواجه تحديات كبيرة وتواجه مشاكل فوق طاقتها وتعاني نقصاً في التمويل، فبينما طلبت الأمم المتحدة 1.2 بليون دولار لمواجهة الأزمة لم يتم توفير سوى 20% فقط حتى اليوم.
وقد قاد تردي الأحوال الأمنية في جنوب السودان وضعف المساعدات الإنسانية في المخيمات بعض اللاجئين إلى العودة إلى مناطق بالنيل الأزرق، على الرغم من العنف الدائر والقصف الجوي.
تفيد التقارير الواردة من الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق أن حكومة السودان تعد لشن هجمات عسكرية جديدة على مناطق الحركة الشعبية – قطاع الشمال في الولاية، معبئة،  استعداداً لهذا الهجوم، مزيداً من القوات وأفراد من المليشيات القبلية المحلية الموالية لحكومة الخرطوم ونشرهم على طول خطوط المواجهة. وتفيد تقارير بأن في بوط، عاصمة محافطة التضامن غرب النيل الأزرق أن مقاتلو المليشيات السودانية الجنوبية المرعبة المدعومة من قبل الحكومة والتي تتخذ من المابان مقراً لها بقيادة كمال لومو والمسماة “أبطال المابان” قد أخذت في التجمع للانضمام للحملة.
يمثل الوضع المهمل لهؤلاء اللاجئين الهاربين من أزمة إلى أخرى تحديات هائلة للفاعلين في مجال العمل الإنساني. فإذا ما انتشر العنف إلى المناطق القريبة من المخيمات فإن النتيجة ستكون كارثية. فبينما يجتهد العاملون في مجال العون الإنساني في تقديم الخدمات الأساسية، سياسياً يظل اللاجؤون محاصرين بين عدم إحراز تقدم في المفاوضات التي يتوسط فيها فريق الاتحاد الإفريقي رفيع المستوى للتطبيق بين حكومة السودان والحركة الشعبية – قطاع الشمال، والتي انهارت مجدداً الأسبوع الماضي، وبين فشل المحادثات التي يتوسط فيها الإيقاد بين حكومة جنوب السودان والمتمردين بقيادة مشار.


AddThis