Wednesday, December 10, 2014

الطريق الغامض نحو حوار وطني حقيقي وسلام مستدام


خلقت سلسلة من المبادرات، التي طرحت من قبل الحكومة ومجموعات المعارضة والوسطاء الدوليين خلال الأشهر العشر الماضية، بصيص أمل في إمكانية التوصل إلى حل شامل لنزاعات السودان. وقد شملت هذه الخطوات ذات الآفاق الإيجابية: عملية الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس البشير، وإعلان باريس الموقع من قبل حزب الأمة القومي والجبهة الثورية السودانية في 8 أغسطس، واتفاق أديس أببا بشأن الحوار الوطني والعملية الدستورية الموقع في 4 سبتمبر بين ممثلي آلية الحوار الحكومية والموقعين على إعلان باريس، وبيان مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي الصادر في 16 سبتمبر الذي دعا إلى آلية وساطة متزامنة لعمليتين منفصلتين للنزاعين في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان من جهة واقليم دارفور من جهة أخرى. غير أن إنهاء النزاعات المسلحة والخطوات التي تلي ذلك للتوصل لحوار وطني شامل وجامع تظل عصية التحقق بسبب تعنت حزب المؤتمر الوطني الحاكم
الحوار الوطني الشامل والجامع والمسئول هو ذلك الحوار الذي يمكن أن تشارك فيه كل الكيانات السياسية والاجتماعية والدينية صاحبة المصلحة. ويجب أن يكون الهدف الأساسي لأي حوار وطني هو مخاطبة جذور مسببات النزاع في السودان: العلاقة بين المركز والهوامش. وعليه فإن العملية لا يمكن أن تعامل النزاعات المسلحة “ذات الخصوصية” في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان بمعزل عن بعضها البعض. وعوضاً عن ذلك فإن كل القضايا السياسية الوطنية (مثل تقاسم السلطة والثروة، وكتابة الدستور) ينبغي أن ترفّع للمستوى الوطني. وبالإضافة لذلك فإن أي اتفاق يوقع لإنهاء أي قتال ينبغي ألا يمس العملية الوطنية التي ستأخذ مجراها بعد أن تصمت المدافع. وينبغي ضمان مشاركة المجتمع المدني والجمهور منذ البداية، على أن يصاحب ذلك الضمان استثمار دولي في قدرة المجتمع المدني على لعب دور إيجابي
يجب إسناد أية عملية حوار وطني ببيئة مواتية تضمن الحقوق والحريات الدستورية للمواطنين كافة. ولا يمكن إجراء أية عملية ذات مصداقية في الإطار الحالي الذي تنتشر فيه النزاعات المسلحة التي تتخللها الفظائع المرتكبة ضد المدنيين، والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والحقوق المدنية والسياسية، وغياب الحريات السياسية. كذلك يجب وقف ما يجري الآن من حبس واعتقال وتعذيب للمعارضين والناشطين السياسيين. وإضافة إلى ذلك فإن الاندفاع نحو إجراء الانتخابات في أبريل 2015 قبل إنهاء النزاعات والاتفاق حول دستور دائم من شأنه إشعال مسببات النزاع لا التخفيف من حدتها. وفوق هذا وذاك فإن المجتمع الدولي ينبغي عدم تحجيمه في زاوية المساندة أو إضفاء الشرعية على أي نوع من أنواع العمليات الانتخابية التي تهدف أساساً لإطالة عمر النظام القائم في الوقت الذي تستمر فيه معاناة المواطنين جراء ذلك

AddThis