Sunday, June 7, 2015

جمهورية جهاز الامن الوطني و المخابرات






يوما بعد اخر يثبت جهاز الامن الوطني و المخابرات السوداني انه الآمر الناهي في حرية و خيارات السودانيين و هو المتحكم في ما يجب ان يتعلموه, يقرأوه, يشاهدوه, يناقشوه, و حتى فيما يجب ان يعتقدوه في يفكروا فيه.

التضييق على الانشطة السياسية في كل انحاء السودان, هو شئ معلوم بمكان, فكم من ندوة او اجتماع او مخاطبة سياسية لم يوافق منسوبي الجهاز على اقامتها و كم من حدث تمت الموافقة على اقامته و لكن تم اجتياح افراد الامن لمكان اقامته و ايقافه في اخر لحظة. لكن نحن نعلم اننا امام نظام شمولي قمعي لا يريد اي شريك له في السياسة و ان ادعى غير ذلك, لكن سطوة الاجهزة الامنية تجاوزت الانشطة و الاحداث السياسية الى اي حدث اجتماعي رياضي ثقافي فني و قربنا نصل لمرحلة لو حتعزم جماعة على الغداء يوم الجمعة فلازم تجيب تصريح امني.



النظام الحاكم في السوداني اثبت علو كعبه مقارنة بالانظمة الديكتاتورية و القمعية المحيطة بنا و ذلك بتبنيه لسقف حريات وهمي يستطيع من خلاله ايهام العالم و حتى عامة الناس انه نظام مرن و يتحمل النقد و يتقبل الاختلاف. كمثال على ذلك الصورة في الاعلى من خبر صحفي نشر بتاريخ 4\6\2014 اي قبل عام من الان حول تورط 36 وزير بين اتحادي و ولائي في ادخال شحنات نفايات اليكترونية للبلاد !!! خبر صادم و لو كنت غير سوداني لكان نعليقك ان السودان بلد ينعم بالحريات بحيث يمكن للصحافة كشف فساد المسئولين. لكن الحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك !! اولا و هي الوسيلة الاعلامية الوحيدة في السودان لان الاعلام المرئي و المسموع اما حكومي او مملوك لرجال اعمال يسبحون بحمد النظام فلا نتوقع ان نشاهد شئ ذو قيمة على هذه القنوات. عندما يقوم الصحفيين بعملهم عن طريق كشف ملابسات و احداث, نشر تحقيقات, تسليط الضوء على احداث, او حتى كتابة مقالات رأي فان الرقيب الامني قد يمررها ليستفيد منها في ايهام الناس بذلك السقف الوهي الذي ذكرنا. فمثلا الخبر المشار اليه عن النفايات الاليكترونية قد لا يشغل كثير من المواطنين و قد لا يستشعروا خطورته, و يكون قمة ما يرونه في هذا الخبر انه فساد حكومي قد اعتادوا عليه. و نلاحظ ان الخبر في اسفل الصفحة و فوقه خبر و صورة للرئيس و الحزب الحاكم. معاذ الله ان نظن ان هذه الاخبار قد تقود الى محاسبة احد او معاقبته, فالحساب لرب العباد و لكن نقارن هذا الخبر بخبر قضية فساد عبد الرحمن الخضر و رئاسة ولاية الخرطوم. فعندما نشرت الصحف عن تلك الحادثة قام النائب العام بحظر النشر في القضية للمحافظة على سير التحقيات و قبل ذلك كم مصادرة عديد الصحف التي كانت تنشر في القضية. الان عزيزي القارئ لك ان تتخيل كيف تتم فلترة الاخبار الصحفية. فلو كانت الخبر مما قد يزعج الناس كالحديث عن اختلاسات بالمليارات في ولاية و تورط الوالي فيها يتم مصادرة الصحفة و احتلال مطابعها ثم استخدام النائب العام الذي هو لا شئ بل اداء عن الاجهزة الامنية التي تعتقل و تعذب و تتحرش بالمواطنين و النائب العام لا حياة لمن تنادي امام استباحة القانون الذي هو يمثله و يحميه. في الجانب الاخر الاخبار التى قد لا تجد صدى كبير و لا يوجد فيها اتهامات لشخيصات مؤثرة متواجدة في الساحة فانها يسمح لها بالمرور لصفحات الجرائد لكي يقال انظروا نحن نسمح بانتقاد رجال الدولة و كشف قضايا الفساد و ما واوات الاستاذ الفاتح جبرة ببعيد. قضية خط طيران قد لا تشغل المواطن العادي يسلط الاستاذ الضوء عليها منذ اكثر من 3 سنوات و بلا نتيجة لان النيجة و الغرض هو عندما يتم مسائلة الاجهزة الامنية عن قمعها لحرية الصحافة و التعبير فتقوم بضرب مثل باخبار مثل تلك الواوات.


طبعا جهاز الامن يكذب و يتحرى الكذب بقوله ان مصادرة الصحف و ايقاف طباعتها يتم بسبب تجاوزات معينة. طيب لو آمنا وصدقنا كلامهم رغم اننا ضد تدخل الاجهزة الامنية في حرية الصحافة و ضد الإملاءات لما ينشر و ما لا ينشر و ضد استخدام التهم الفضفاضة التي لا معنى لها من شالكة تقويض السلم الاجتماعي و تهديد الامن الوطني و زعزعة الاستقرار و غيرها من التهم المطاطية التي لا اصل قانوني لها. لكن لنفرض ان هذه تهم حقيقة و خلينا نمشيها انها تهم تستوجب المحاسبة. طيب اذا كان في صحفي كتب عمود او خبر ثم وافقت الجريدة على نشره و لكن عتاتة الامن رأوا انه يهدد الماعارف ايه و يسبب الفوضى و اممنا القومي في خطر فلماذا تكتفي الاجهزة الامنية باجتياح المطابع و وقف نشر الصحف و توزيعها ؟ لماذا لا توجه تهم للصحفيين المسئولين عن هذه الاخبار و رؤساء التحرير الذي مرروها ؟ لماذا لا نسمع عن بلاغات استكملت مسارها القانوني و وصلت للمحاكم ؟ مرة اخرى نحن ضد تلك التهم و ضد ذلك المسار و لكن لماذا يكتفي جهاز الامن بالمصادرة و المنع اذا كانت المسببات جسيمة من نوعية اسقرار البلاد و امنها الوطني ؟ فبالتالي الموضوع هو مجرد تسلط و تجبر من هذا الجهاز القمعي اللاوطني الذي لا علاقة له بمصلحة المواطن و لكن بمصلحة اولياء نعمته في المؤتمر الوطني.



لنختم المقال بواقعتين حدثتا مؤخرا عن قمع الحريات:  نتذكر منع 10 صحف يومية من الصدور و مصادرتها من المطابع كما في الصورة اعلاه الذي حدث في نهايات شهر مايو الماضي. طيب الاغتصاب و التحرش ظواهر تزيد يوما بعد يوم و اشرنا لها في مقال سابق يمكن مطالعته هنا. و مجتمعنا يحاول انكار هذه المشكلة من باب الشينة منكورة و اننا مجتمع الفضيلة و لكن بمجرد السير في الشارع لمدة بسيطة تستطيع ان تستشعر الظاهرة و انتشارها و لكن هذا ليس موضوعنا. الموضوع انه تم نشر خبر عن المنتدى الدوري لجمعية حماية المستهلك، والذي قضية رياض الأطفال، وبعض الملاحظات حولها، الأمر الذي دعا جهاز الأمن لمصادرة ال 10 صحف بعد الطباعة واعتقال الدكتور ياسر ميرغني رئيس جمعية حماية المستهلك والصحفية نسرين صاحبة التحقيق الصحفي حول القضية. الاعتقال و ايقاف النشر تم بدون سند قانوني و بدون اي رأي للسيد المبجل حامي حمى القانون المسمى زورا و بهتانا بالنائب العام. اليوم 6\6\2015 تم اطلاق سراح الدكتور ياسر من معتقل جهاز الامن !!!! طيب اذا كان الدكتور ياسر قد ارتكب شي شنيع استوجب اعتقاله فورا و مصادرة كل الصحف التي اشارت لهذا الشئ الذي ارتكبه الدكتور ياسر هل يعقل ان يتم اطلاق سراحة بعد اسبوعين بدون توجيه تهمة !!! 10 صحف صودرت و اوقفت و لا يتم توجيه تهمة !!! الا ترى الان عزيزي القارئ ان الدكتور لم يرتكب اي شي يحاسب عليه الا انه انقد او سلط الضوء على ظاهرة اقلقت مضاجع المسؤلين رضي الله عنهم. هذا دليل واضح ان ان النظام يتسخدم السوط الامني لجلد كل من يحاول ان يخرج ان مسار الفكر الذي تم رسمه لهم



الحادثة الاخرى لنختم بها هي التصديق لطلاب الحزب الليبرالي الديموقراطي بجامعة النيلين باقامة يوم بنشاط كلية القانون. حصل الطلاب على التصريح اعلاه بعد جولات من الاخذ و العطاء مع ان الحزب رسمي و مسجل و النشاط الطلابي مكفول. انا انشر هذه الحادثة لا لعلاقة لي بالحزب من قريب او بعيد و لكن لكنا امام منعطف خطير و هو ان النشاط الطلابي صار مكفول بموافقة الرقيب الامني و هو دليل على تغلغل هذا الجهاز اللعين الى كل مفاصل حياة السودانيين.
         


ازاح الله عنا و عنكم البلاء و دمتم سالمين

AddThis