Wednesday, May 21, 2014

Freedom of Information Act - حرية تداول المعلومات





في الأسابيع الأخيرة تم كشف النقاب عن عدة قضايا فساد مالي في قطاعات مختلفة من الدولة
كقضية التزير و الاختلاس و استغلال النفوذ من قبل والي الخرطوم و طاقم مكتبه و تكسب مساعد وزير العدل من صلاحيات منصبه السابق كمدير لمصلحة الاراضي و ما قضايا شركة الأقطان و سودانير ببعيد , اضافة لأتهام مدير جهاز الامن و المخابرات السابق للجهاز بتبديد الاموال بعد ان شيد الجهاز مباني بقيمة 2,5 مليار دولار و هو ضعف عجز الموازنة العامة للدولة "و الرقم على عهدة قوش طبعا"

و لطالما ارتبط الفساد في عقليتنا بالفساد المالي على وجه الخصوص ربما لتضرر المواطن المباشر بسبب هذا النوع من الفساد, لكن للفساد وجوه كثيرة تتفق كلها في القبح و في جعل حياة المواطن تعيسة و بائسة.
و لها السبب بعد الخوض في غمار المحتوى الرئيسي لهذا المقال سنحاول تطبيقه على قضية فساد سياسي و قضائي شهيرة.


كبداية لنٌعرف و نٌوضح ما هو قانون حرية الوصول للمعلومات و ماذا سيستفيد المواطن من وجود هكذا قانون

قانون حرية الوصول للمعلومات يعطي الحق للمواطنين في الوصول إلى المعلومات و السجلات التابعة لأي مؤسسة حكومية, لكن هذا الحق في الوصول لهذه المعلومات يكون منظما و تحت اشراف جهات و لجان مستقلة عن الدولة هي المسئولة عن تمكين المواطن من الوصول للمعلومات التي يريدها 

تم اقتراح تشريع هذا القانون لأول مرة في عام 1982 بواسطة عدة دول اروبية بالاضافة لكندا و الولايات المتحدة, لكن كندا كانت الرائدة في تطبيق هذا القانون مباشرة في العام 1983
يمكن الاطلاع على نص القانون الكندي هنا

كما تنص المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية على أن حرية الحصول على المعلومات تعد حقا من حقوق الانسان و تسميها "اوكسجين الديموقراطية"

للإستزادة في الموضوع اقرأ هنا بالعربية او هنا بالأنجليزية

لا نريد الخوض في تاريخ القانون كثيرا و دعنا نرى كيف يعمل هذا القانون و كيف يمكن ان يستفيد منه المواطن

بالنسبة لأي مواطن فان الحكومة تقوم بتسييرأعمال الدولة بشكل سري غامض و من رواء جُدر و لا يرى المواطن إلا القرار او المنتج النهائي الذي تريد الحكومة ان تطلعه عليه. لكن ماذا يحدث فعليا خلف هذه الجدران و كيف يتم طبخ هذه القرارات و الاجراءات فلا احد يعلم كيف يتم ذلك و لكن من الواضح ان المكونات المستخدمة في الطبخ منتهية الصلاحية بدليل قضايا الفساد التي يتم كشفها كل فترة و هي غيض من فيض مما يحدث فعليا وراء ذلك الجدار طالما كانت السرية هي غطاء لاي عمل او تحرك حكومي.



بوجود قانون حرية الوصول للمعلومات سيعرف اي موظف حكومي من كبار المسئولين الى صغار العاملين ان هناك حوالي 30 مليون شخص (عدد مواطني السودان تقريبا) موجود ليراقب عملهم و يقيم ادائهم.
يستطيع المواطن بوجود هذا القانون التوجه للجان المستقلة المسئولة عن تطبيق القانون ليستفسر عن اي معلومة حكومة كاجراءات عطاء انشاء طريق معين او مكافاءات و حوافز مدير شركة حكومية, نتائج لجنة المعاينات و التوظيف في وزارة ما و اكثر من ذلك كثير لكن له تحت الاجراءات التنظيمية التي تقرها و تحددها اللجنة المستقلة و غير الحكومية المسئولة عن ذلك. كما ان محاولة اخفاء او تزوير اي معلومة اقرت هذه الجان وجوب تمكين المواطن منها يعد جريمة جنائية.

اول ما قد يتبادر لذهن المواطن سيكون بعض العبارات المطاطة و الفضفاضة التي تستخدمها الانظمة الفاسدة و القمعية لتغطية عوراتها مثل الامن القومي و السلم الاجتماعي و الاستقرار الوطني و غيرها. تصنيف المعلومات حسب سريتها و خطورة نشرها و اطلاع الجمهور عليها هو ايضا مسئولية ذات اللجنان و الهيئات المستقلة المنظة لوصول المواطن للمعلومة

لكن لكي لا تستخدم الحكومة هذه العبارات الفضفاضة لاعاقة وصول المواطن لمعلومة محددة دعنا نضرب مثلا صغيرة بمشروع لم تحم حوله شبهات فسادة كبيرة و تم تنفيذه في زمنه المحدد , كمشروع انشاء كبري المك نمر بالعاصمة. دعنا نتسال قليلا ماذا سيضر الامن القومي لو عرف المواطنون ان الحكومة رصدت ميزانية مقدارها س لهذا المشروع ؟ و ما هو التهديد على استقرار الوطن الذي سيشكله معرفة المواطنين لعدد شركات المقاولات التي تقدمت بعروض لتنفيذ المشروع و سبب فوز الشركة ص بالعطاء في نهاية الامر ؟ و هل شعور المواطن بالأمان سيتزعزع لمجرد متابعتهم لاتزام الشركة المنفذة بتسليم المشروع في وفق جدوله الزمني المحدد و بالجودة المتفق عليها في العقد الموقع مع الحكومة ؟

نحن هنا لا نتحدث عن صفقات اسلحة مع العلم ان صفقات هذه في بعض الدول تتم تحت اعين المواطنين و برلماناتهم. و لا نتحدث عن محاضر اجتماعات قيادات القوات المسلحة و لكن نتحدث عن مراقبة سير دولاب عمل الدولة و اسلوبها في ادارة موارد الوطن و المواطن.

اليس من حقك كمواطن ان تعرف كم مسئول حكومي بتقاضي راتبا مختلفا عن سلم و هيكل رواتب مسئولي الدولة مثل ذلك الراتب الملياري الذي كان يتقاضاه مدير سوق الخرطوم للأوراق المالية

اليس من حقك ان تعرف اذا كانت عطاءات المشاريع الإنشائية تعطي لمن يستحقها بالشكل الذي يضمن تقديم جودة عالية للمواطن بسعر يحفظ موارده و امواله ام ان العلاقات و العمولات هي التي تحدد من يرسى عليه العطاء

اليس من حقك ان تحمي حياة اخوانك المواطنين و تقليل عدد الحوادث المتكررة على الطرق السفرية باطلاعك على مشاريع و تقارير صيانة الطرق و الجسور و كذلك كيفة تعامل الحكومة مع شركات النقل و المركبات المسافرة في مسألة اتباع قوانين السلامة المرورية

اليس من حقك ان تتبنى الحكومة مشروع هكذا قانون اذا كان لديها اي جدية في حديثها عن محاربة الفساد و الشفافية المطلقة في ادارة شئون الدولة

الم يصرح برلمانيون و مسئولون ان نسب الفساد في السودان ضئيلة لا تكاد ترى بالعين المجردة !!! اذا لماذا الخوف من سن هكذا قانون اذا كانت محاربة الفساد هي سياسة دولة

بتطبيق مثل هذا القانون في اوغندا الجارة قام مواطن بكشف عن فساد ادى الى اهدار 80% من ميزانية كانت مخصصة لانشاء و اعادة تأهيل 8500 مدرسة

في المكسيك كشف محاسب في مصلحة حكومية عن اهدار و اختلاس تراكمي لمبلغ 30 مليون دولار في الجهة التي يعمل بها

و في الهند و بواسطة هذا القانون اكتشفت اسرة بسيطة عن عملية سرقة و تلاعب في توزيع وجبات مجانية للاسر المحتاجة و الفقيرة

الثلاث دول اعلاه ليست من دول العالم الاول و فيها من الفساد ما فيها, و لكن جدية حكوماتها في محاربة الفساد جعلتها تطبق و تقر هذا القانون لتجد عونا و مساعدة من المواطنين في عملية محاربة الفساد

في فبراير الماضي اتجهت الحكومة اللبنانية لمنح الصحفيين و العاملين في المجال الأعلامي الحق في الوصول للمعلومات الحكومية.

و في فلسطين و خلال مايو الحالي تقدم مدير هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة بمشروع قرار حرية الوصول للمعلومة للحكومة في الضفة الغربية. يحدث هذا في بلد ما زال يقبع تحت وطئة الاحتلال و يقاتل من اجل الحصول باعتراف دولي لكيانه و دولته  

في عام 1990 كان لدى 13 دولة فقط قوانين تنص على ذلك الحق المجتمعي في الوصول الى المعلومة واليوم هناك أكثر من 95 بلداً (يزيد سكانها عن 5 مليارات شخص) لديها قوانين تعطي حقاً عاماً في الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة. كما تبنت الهيئات الدولية كذلك مثل البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية سياسات تنص على الكشف عن المعلومات.

كانت و مازالت القرارات المصيرية تتم داخل الغرف المغلقة، وما زالت سياسات إقصاء وتضليل الوعي العام أحد أبرز أدوات النظام المستبد و هذا الامرلم يعد مقبولا أو مسموحا به في إطار بناء دولة القانون والمؤسسات، و ليتم ذلك لابد من ضمان وحماية حرية الوصول للمعلومات لأهمية هذا القانون على أكثر من مستوى، فهو من ناحية مهم في حد ذاته حيث أنه يوفر بيئة تمكينية عامة لجميع الحقوق الأخرى من خلال تعزيز مبدأ الإتاحة، فإتاحة المعلومات ضمانة أساسية لتمكين المواطن والمجتمع من مراقبة أوضاع الحقوق الأخرى وأهم إشكاليات تأديتها على الوجه الأكمل ومن ثم محاسبة ومسائلة السياسات و واضعيها و القائمين عليها في حال تأثيرها سلبا على تلك الحقوق، ومن ناحية ثانية فإن تعزيز مبدأ حرية تداول المعلومات أحد أهم مبادئ ومعايير خلق مجتمع منفتح وديمقراطي يتمتع فيه المواطن بكافة أنواع المشاركة السياسية والمدنية والتي لا تقتصر وفقط على حق الانتخاب وإنما حق النقد والتفنيد للسياسات بشكل مستمر والتعبير عن رأيه فيها

الحكومات التي تعمل في ظل السرية في الأغلب هي غير كفء لإدارة وتحمل مسئوليتها في حماية الحقوق والحريات لمواطنيها، لأن حرية تدفق المعلومات وسهولة الوصول إليها هي الركيزة الأساسية لتحديد المشاكل والمخاطر وطرح الحلول المناسبة

البلد هي ملك للمواطنين و ليست تركة خاصة لعشرات الاشخاص في الحكومة ليستنفعوا و يقضوا وطرهم منها

فمن حقك ايه المواطن معرفة كيف تدار بلدك بالنيابة عنك و كيف يتم تمكينك من خيرات ارضك و موارده و كيف تعمل الحكومة في سبيل راحتك و كرامتك و انسانيتك

اختم التدوينة بمطالبة لتطبيق هذا القانون تحديدا او مبدأ الشفافية عموما على قضية فساد سياسي و قضائي استمرت لعدة اعوام الا هو هي قضية د. الحاج ادم يوسف الذي تقلد مناصب حكومية عدة اخرها نائب لرئيس الجمهورية و كان سابقا واليا على جنوب دارفور و الشمالية و وزيرا للزراعة و حاليا هو أمين القطاع السياسي و عضو المكتب القيادي او التنفيذي لحزب المؤتمر الوطني بالاضافة لعمله في هيئة تدريس قسم الهندسة الزراعية بجامعة الخرطوم.

لكي لا اطيل الدكتور آدم كان شغل مناصب دستورية عدة حتى عام 1999 عندما حصل المفاصلة الشهيرة فسلك الحاج ادم (مع حفظ لقب دكتور) سلك الحاج مسلك الترابي و سار في ركبه و معيته. في العام 2004 تم اتهام حزب المؤتمر الشعبي بالقيام بمحاولة انقلابية و ادخال و تخزين كمية كبيرة من السلاح داخل العاصمة , و لمن يتذكر كانت هناك حملات تفتيش داخل المنازل في بعض الاحياء على الاسلحة.

تم القبض على الترابي و اغلاق مقار حزبه  و هرب الحاج ادم و قيل انه سافر الى المانيا. ما يهمنا و تشاهدونه في الصورة المرفقة اخر التدوينة انه في النصف الاخير من عام 2004 قام وكيل النائب العام بتوجيه بلاغات للحاج ادم تحت 11 مادة من ثلاث قوانين مختلفة و اعلن عنها في وسائل الاعلام الرسمية و طالب المتهم بتسليم نفسه.

بلاغات تودي الى نفي صاحبها الى ما وراء الشمس لكن و بعد 6 سنوات وجدنا الحاج ادم داخل القصر الجمهوري نائبا لرئيس الجمهورية !!! كيف يتحول من هدد امني و استقراري كمواطن و قوض النظام الدستوري و عمل على ضرب وحدة المجتمع و زعزع امنه القومي (بحسب البلاغات المقدمة ضده و بحسب تصريحات عبد الرحيم محمد حسين وزير الداخلية في وقتها) كيف يمكن ان يتحول هكذا شخص بين عشية و ضحاها الى قائد يحكمني و يدير شئوني و شئون بلدي !

السؤال هنا للنائب العام و نيابة الجرائم الموجة ضد الدولة و الى المحكمة المختصة في نظر هذا الجرائم
هل تمت محاكمة الحاج ادم و ظهرت برائته !!! و اذا كان ذلك فلماذا حصل هذا في السر و ليس العلن
اام هل تم ادانة الحاج ادم و محاكمته و من ثم بعد ان ادى محكوميتة كان ذلك الحكم لا يؤثرعلى تقلده منصب دستوريا
(اعتبرني عندي قنبور و ان ال11 بلاغ الفوق ديل محكميتهم كانت خلال 6 سنوات فقط او اقل)

هذه القضية اراها من اكبر قضايا الفساد لانها توضح التزاوج الغير شرعي بين السلطة الحاكمة و السلطة القضائية التي يجب ان تكون سلطة مستقلة يلجأ لها المواطن لتنصفه و تقيم العدل في بلده و لكنها الان تفسد و تشرع للحكام ما يشاء ليستبد و يتجبر و يتفرعن بلا رقيب او حسيب


فلنطالب بحقنا و حريتنا في الوصول و الحصول على معلومات الاجهزة التنفيذية  

و دمتم سالمين


Friday, May 2, 2014

قراءة في تقرير هيومن رايتس وتش عن إنتهاكات حقوق الأنسان خلال إحتجاجات سبتمبر





أثناء الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول ٢٠١٣ اندلعت موجة من الاحتجاجات الشعبية في ود مدني، والخرطوم، وأمدرمان وبلدات أخرى في شتى أنحاء السودان، بعد أن أعلن الرئيس عمر البشير عن إيقاف دعم الوقود وبدء إجراءات تقشف أخرى. ردت قوات
 الأمن الحكومية على الاحتجاجات باستخدام القوة، بما في ذلك القوة المميتة، على ھيئة الذخيرة الحية. تناقلت التقارير مقتل أكثر من ١٧٠ شخصاً بينھم أطفال، أثناء تعامل الحكومة مع الاحتجاجات، مع إصابة المئات غيرھم واعتقالھم واحتجازھم، والبعضلأسابيع وشھور، دون اتھامات أو إتاحة مقابلتھم لمحامين أو إتاحة الزيارات العائلية. ولقد تعرضالمحتجزين، لا سيما من ينحدرون من دارفور، للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وبعد أكثر من ستة أشھر، لم تفتح الحكومة السودانية التحقيق بعد مع المسؤولين عن أعمال القتل وغير ذلك من الانتھاكات ذات الصلة، أو ھي حاسبتھم. تشير البحوث التي أجرتھا ھيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى إلى أن الحكومة اتخذت إجراءات، عن عمد، لقمع وإسكات التغطية المستقلة للأحداث، ولمنع أھالي الضحايا من اللجوء للعدالة. تستمر الحكومة في احتجاز نشطاء على صلة بالاحتجاجات في مواقع مجھولة، وما زالت العديد من أسر المحتجزين لا تعرف أماكن أقاربھم المحتجزين أو أي شيء عن أحوالھم.
ولقد كان رد الحكومة السودانية على الأدلة المشيرة إلى مسؤولية قوات الأمن عن أعمال القتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والتعذيب وغيره من الانتھاكات ذات الصلة ھو الإنكار أو التقليل من التقديرات حجم العنف وانتھاكات حقوق الإنسان. ورغم أن السلطات قد وعدت بالتحقيق في المزاعم، فلم تظھر أدلة علنية على أي تقدم أحرز حتى الآن في التحقيق مع المسؤولين عن أعمال القتل والانتھاكات الأخرى.
ولقد تعرض أھالي الضحايا الذين سعوا لفتح الشرطة أو النيابة قضايا في مقتل أقاربھم، إلى عقبات، منھا رفض التحقيق في قضايا فردية، وكذا رفض الإمداد بوثائق مھمة مثل تقارير الطب الشرعي، ومنعھم من التماس العدالة من خلال القضاء. في الوقت نفسه يستمر السودان في استخدام القوة المفرطة، بما في ذلك الذخيرة الحية، في قمع الاحتجاجات السلمية، ما أدى إلى سقوط المزيد من القتلى في الاحتجاجات بالعاصمة خلال عام ٢٠١٤
ھذا التقرير الذي يستند إلى بحوث أجريت بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول ٢٠١٣ داخل السودان، وبناء على
مقابلات عن طريق البريد الإلكتروني والھاتف، يوثّق بعض أكثر الانتھاكات جسامة التي وقعت أثناء احتجاجات سبتمبر/أيلول. يدعو التقرير الحكومة السودانية إلى إجراء التحقيقات الموعودة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتھاكات، وإنھاء استخدام القوة المفرطة والقوة المميتة ضد المتظاھرين فوراً، واحترام وتيسير الحق في التظاھر السلمي والاحتجاج. ويتعين على الأطراف الدولية المعنية بالسودان أن تكسر صمتھا وتضغط من أجل اتخاذ تدابير سريعة.
التوصيات
 إلى الحكومة السودانية
استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين
• يجب ألا تسمح سلطات إنفاذ القانون وأجھزة الأمن في السودان للقوات باستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاھرين العزل. يجب على جميع ھذه الأجھزة إصدار أوامر واضحة لا لبس فيھا لقواتھا بأن أي استخدام للقوة يجب ألا يكون عنه بديلاً وأن يكون متناسباً مع التھديد الحقيقي والقائم، وأن استخدام القوة المفرطة سيعاقب عليه. يجب ألا يتم اللجوء للقوة المميتة إلا من قبل وحدات متخصصة، لديھا تدريب ملائم، عندما لا يكون ھناك بديل عن استخدام ھذه القوة من أجل إنقاذ الأرواح.
• يجب على وزارة العدل أن تتمم وتعلن نتائج تحقيقاتھا في وقائع القتل والإصابة التي شھدھا شھرا سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٣ أثناء الاحتجاجات التي اجتاحت شتى أنحاء السودان. يجب أن توفر التحقيقات معلومات كاملة عن جميع وقائع القتل والإصابات، وظروف كل حادث أدى إلى الموت أو الإصابة، والأدلة التي تشير لأي مدى تورطت قوات حكومية في انتھاكات لحقوق الإنسان، والأدلة الموثوقة على مسؤولية أي طرف ثالث عن الانتھاكات.
• يتعين على وزارة الداخلية ضمان استجابة قوات الأمن للتحقيقات والتعاون معھا. يجب على الجھات المختصة إلغاء الحصانة القانونية المستحقة لأي قوات أمن مشاركة في إطلاق النار على المدنيين.
الاحتجاز التعسفي
• يجب على جھاز الأمن والمخابرات الوطني أن يفرج فوراً عن أي أفراد ما زالوا محتجزين على صلة بالاحتجاجات لم يمثلوا أمام جھات قضائية، ولم يُتھموا بجرائم، ولم يخضعوا للمحاكمة الناجزة أمام الجھة القضائية المعنية بموجب المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
• يجب على جھاز الأمن والمخابرات الوطني أن ينشر أسماء جميع المحتجزين، ويحدد أماكن احتجازھم، ويضمن قدرة أقاربھم والمحامين والمراقبين المستقلين على زيارة المحتجزين.
• يجب على المجلس الوطني أن يصلح قانون الأمن الوطني لعام ٢٠١٠ بحيث يصبح متسقاً مع القانون الدولي، لا سيما ضمان مثول جميع المحتجزين على وجه السرعة أمام مسؤول قضائي ليتھمھم أو لمواھة المحاكمة العادلة خلال فترة معقولة، وإلا الإفراج عنھم. مع ضمان قدرتھم على ممارسة حقھم في الطعن على قانونية احتجازھم بشكل حقيقي وفعال.
المعاملة رهن الاحتجاز
• يجب ضمان استيفاء ظروف الاحتجاز لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، بما في ذلك أماكن احتجاز الأحداث، والتصريح بزيارة المحامين وتيسيرھا، وكذا العاملين بالمجال الطبي والأقارب.
• يجب التحقيق في جميع مزاعم المعاملة السيئة والتعذيب والموت رھن الاحتجاز، واتخاذ خطوات فورية لمقاضاة و/أو تأديب أي مسؤولين بجھاز الأمن والمخابرات الوطني والشرطة وأي مسؤولين آخرين قد يتحملوا مسؤولية الانتھاكات.
• يجب إدانة ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة رھن الاحتجاز علناً وبكل وضوح. يجب اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية ومنھا التوجيھات للشرطة والقوات المسلحة والعاملين بالأمن، من أجل وقف المعاملة السيئة للمحتجزين، وتوضيح أنه لا يوجد على الإطلاق أي مبرر للمعاملة السيئة، بما في ذلك لأجل انتزاع الاعترافات، أو على سبيل الانتقام من الدعم المزعوم لجماعات متمردة، أو للعقاب.
• يجب التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمناھضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المھينة وبروتوكولھا الاختياري، الذي يسمح للخبراء المستقلين الدوليين بإجراء زيارات منتظمة لأماكن الحجز.
حرية التعبير
• يجب الكف فوراً عن أية رقابة للصحف وغيرھا من المنافذ الإعلامية، بشكل يخرق ضمانات حرية التعبير.
• يجب اتخاذ جميع التدابير ومنھا إصدار أوامر عامة لأجھزة الأمن، من أجل إنھاء التحرش بالصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان تعرضالمسؤولين عن ھذه الأعمال لإجراءات تأديبية أو ملاحقات جنائية.
إلى الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء
• يجب على جميع الحكومات المعنية الضغط على السودان من أجل الوقف الفوري لاستخدام القوة المميتة بإفراط ضد المتظاھرين وما يرتبط بذلك من انتھاكات لحقوق الإنسان، ولأجل محاسبة المسؤولين عن أعمال القتل والانتھاكات الأخرى على صلة باحتجاجات سبتمبر/أيلول.
• يجب على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التصريح لبعثة تقصي الحقائق التابعة لھا بالنظر في مزاعم انتھاكات حقوق الإنسان الجسيمة والاستمرار في استخدام القوة المميتة ضد المتظاھرين، ومطالبة السودان رسمياً بالكشف علناً عن تحقيقاته في انتھاكات سبتمبر/أيلول.
• يجب على الخبير المستقل المعني بوضع حقوق الإنسان في السودان بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن يتناول أعمال القتل والإصابة التي وقعت في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الثاني ٢٠١٣ في شتى أنحاء السودان، وأن يطالب الحكومة السودانية بالرد، بما في ذلك الكشف عن تحقيقاتھا وأية خطوات للمتابعة من
شأنھا توفير العدالة للضحايا.
• يجب على مكتب المفوضالسامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن يضغط من أجل إنشاء مكتب للمفوضية السامية في السودان، وذلك لمراقبة وضع حقوق الإنسان في السودان، لا سيما على ضوء الاستخدام الجاري للقوة المفرطة ضد المتظاھرين وأعمال الاحتجاز غير القانوني.
منهج التقرير
يستند التقرير إلى بحوث داخل السودان ومقابلات بالھاتف والبريد الإلكتروني، أجرتھا باحثة أولى في ھيومن رايتس ووتش بقسم أفريقيا، وثلاثة استشاريين للبحوث. أغلب البحوث أجريت في الفترة من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٣ . قابل الباحثون أكثر من ٣٠ شخصاً، منھم أقارب للضحايا وشھود عيان على وقائع القتل ومحتجزين سابقين ومحامين ونشطاء اجتماعيين. أجريت المقابلات باللغتين العربية والإنجليزية على انفراد أو باستخدام وسائل اتصال آمنة.
كذلك راجعت ھيومن رايتس ووتش جملة من المصادر الثانوية، منھا مقاطع فيديو وتصريحات للشھود جمعتھا منظمات سودانية، وبعضھا نُشر على يوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي على الإنترنت الأخرى. قام الباحثون بالتأكد من صحة كل ھذه التقارير من خلال المقابلات وأدلة أخرى.
الكثير ممن أجريت معھم المقابلات – خوفاً من المضايقات والاعتقال وأشكال الانتقام الأخرى – طلبوا عدم ذكر أسمائھم، ومن ثم، فلم نذكر العديد من الأسماء.
………….
القتل غير القانوني في الخرطوم
• في ٢٥ سبتمبر/أيلول تم إطلاق النار على ھزاع عز الدين جعفر – ١٨ عام اً – ليسقط قتيلاً، أثناء مظاھرات قرب بيته في بحري، شمال الخرطوم. قالت أمه ل ھيومن رايتس ووتش إنه أصيب بعيار ناري في الرأس حوالي الثالثة عصراً على يد قوات أمن ترتدي زياً بنياً وكانوا يستقلون سيارة بيضاء. ھناك طالب شارك في الاحتجاجات مع ھزاع قال للباحثين إنه رأى عدة عربات لاندكروزر تقل قوات أمن يرتدون ثياباً مموھة، يقتربون من المتظاھرين:
• [العربات] الأولى أطقت رصاصاً مطاطياً وغاز مسيل للدموع علينا، والعربتان الأخيرتان أطلقتا الذخيرة الحية. كنت أقف على أحد جانبي الشارع عندما سمعت الرصاص. سقطت على الأرض… وبعد أن توقف نظرت لأرى ھزاع يرقد على الأرض بلا حراك. زحفت إليه وقلبته لأجده غارقاً في الدماء. كان ينزف من جرح رصاصة في رأسه. كان قد مات بالفعل.
• قالت أم ھزاع في بيان تم نشره على يوتيوب، إن العائلة والأصدقاء وجدوا جثمانه وحملوه وابتعدوا به وسط طلقات الرصاص المستمرة. قالت: “حملنا الجثمان وكنا ما زلنا في ألم على وفاته، وكانوا مستمرون في إطلاق النار حولنا والغاز المسيل للدموع”.
• طبقاً للشھود، ففي المساء نفسه، تجمع الأقارب والأصدقاء في جنازة ھزاع بحي شمبات، وكان بابكر النور حمد – ٢٠ عاماً – وھو صديق لھزاع، قد اصيب بأعيرة نارية في الساق والرأس، ومات على الفور.
رغم أن ھيومن رايتس ووتش لم تتمكن من التوصل إلى تفاصيل إطلاق النار، فقد قال الشھود إن قوات الأمن الوطني، مرت في سيارات بيضاء، ھي المسؤولة.
• في مثال آخر من ٢٥ سبتمبر/أيلول، أطلقت قوات الشرطة المسلحة النار على سارة عبد الباقي وقتلتھا، وھي طالبة تبلغ من العمر ٢٩ عاماً. كانت مع أقارب آخرين خارج بيت عمھا في حي الدروشاب، حيث تجمعوا بعد أن سمعوا أن صھيب، قريب سارة البالغ من العمر ١٤ عاماً، قد قُتل بالرصاص على يد قوات الأمن في اليوم نفسه. وصفت شقيقة سارة الصغيرة الواقعة:
• عندما وصلنا كان ھناك حشد كبير من النساء والجيران والأصدقاء أمام بيت عمنا. رأينا الامتعاض والغضب. حاصرنا شرطة مكافحة الشغب، وأيضاً بعضرجال الأمن الوطني في ثياب مدنية. ثم سمعنا عدة طلقات والتفتت لأنظر لسارة. رأيتھا تسقط على الأرض… وكانت تنزف بغزارة. أصيبت في جانب بطنھا
الأيسر، قرب كليتھا اليسرى.
• وفي ٢٧ سبتمبر/أيلول الذي سُمي “جمعة الشھداء” من قبل النشطاء السياسيين السودانيين، بدأت المظاھرات ضد قتل المتظاھرين بعد صلاة الجمعة. يُعتقد أن العشرات قد قتلوا في ٢٧ سبتمبر/أيلول، ومن بينھم د. صلاح الدين السنھوري، وھو صيدلاني يبلغ من العمر ٢٨ عاماً، وقد اصيب براصة في الظھر
أثناء التظاھر في ضاحية بري بالخرطوم. أصبحت وفاة السنھوري رمزاً على حملة القمع، وسبباً للحشد في المظاھرات المعارضة للحكومة أثناء الاحتجاجات وفي وسائل الإعلام.
• وفي بحري شمالي الخرطوم، في ٢٧ سبتمبر/أيلول قتلت قوات الأمن أسامة محمدين الأمين البالغ من العمر ٢٠ عاماً بالرصاص، فيما كانت القوات تحاول تفريق عدد كبير من المتظاھرين في مسيرة نحو مجمع محاكم بحري. قال أحد الشھود أن بعد سماح الشرطة باستمرار المظاھرة، فإن قوات الأمن المسلحة لدى
المجمع قامت بضرب المتظاھرين بالعصي وأطلقت النار على الحشد :
• قام رجال الأمن الوطني بمنعنا من التقدم، وكانوا مسلحين بالكلاشنيكوف ويرتدون المموه ويستقلون سيارات
تويوتا لاندكروزر. ألقوا علينا بالغاز وقالوا لنا أن نذھب […] بدأوا في ضربنا بالعصي. التفتنا نحو المحاكم وبقينا على الطريق الرئيسية. ونحن ھناك سمعنا عيار ناري ورأيت أسامة الذي كان يقف أمامي وسط الطريق يقع. أصيب في الرأس فوق الحاجب الأيسر. في ذلك الوقت، كان ھناك عناصر من الأمن الوطني في ثياب مدنية ورجال شرطة يقفون أمام المحاكم. لست متأكداً من أطلق عليه النار تحديداً، لكن الرصاصة جاءت من اتجاھھم.
• في اليوم نفسه في منطقة الصافية ببحري، سجلت د. سمر ميرغني أبنعوف، صيدلانية، على ھاتفھا مقتل صبي على يد رجال الشرطة أثناء احتجاجات في حيھا. قالت: “فيما كنت أصور تم إطلاق النار على صبي ومات أمام عيني، على مسافة مترين تقريباً. كنت في حالة صدمة. بدأت أصرخ واستمر التصوير. وثقت عملية قتل الصبي بالكامل. ثم اقترب مني رجال الأمن وخطفوا ھاتفي”. بعد ھذا بقليل احتجزتھا الشرطة وقامت بضربھا.
• وفي الكلاكلة جنوبي الخرطوم، وصف محمد (ليس اسمه الحقيقي) من المشاركين في مظاھرة سلمية أمام مسجد الإسكان، كيف أصيب برصاصة. قال إنه كان برفقة ٣٠ متظاھراً آخرين يحتجون على ارتفاع أسعار الوقود، عندما قامت سيارة شرطة “بالاقتراب منا، ثم مرت بنا، لكن بعد عدة أمتار أطلقوا الرصاص الحي علينا مباشرة”. تفرقت المجموعة، ثم عاودت التجمع بعد نصف ساعة وبدأوا في التظاھر مرة أخرى. “ما إن اقتربنا [من الشرطة] بدأوا في إطلاق النار علينا. شعرت بالخدر في ساقي اليسرى. رأيت الدم ينساب ولم أتمكن من الجري. زحفت حتى أول بيت وجدته”. نفس الشاھد رأى أيضاً إطلاق النار على الصادق أبو زيد عز الدين، ١٧ عاماً، الذي مات متأثراً بإصابته.
• جزء كبير من أعمال القتل المبلغ بھا وقعت في ضواحي أكثر فقراً مثل مايو والحاج يوسف. من بين وقائع القتل المؤكدة مقتل عبد لله يوسف سليمان، تاجر يبلغ من العمر ٦٨ عاماً، أصيب بأعيرة نارية قرب سوق ستة، وھو سوق في مايو، ومات بعد أربعة أيام. وھناك عمر خليل إبراھيم خليل البالغ من العمر ١٩ عاماً، وصالح صادق عثمان صادق، البالغ من العمر ١٥ عاماً، وقد قُتلا في محطة حافلات الحاج يوسف برصاص في الرأس، يوم ٢٥ سبتمبر/أيلول.
وقائع إطلاق النار في أمدرمان
• أمدرمان، واحدة من ثلاث بلدات تشكل العاصمة الخرطوم، شھدت احتجاجات شعبية ضخمة في عدة أحياء بھا بدءاً من ٢٤ سبتمبر/أيلول. وكما ھو الحال في الخرطوم، فقد قامت قوات الأمن المسلحة المتمركزة بتفريق المتظاھرين بطريق فتح الرصاص الحي عليھم وقتل الكثيرين. فيما يلي بعض الحالات المؤكدة:
• في الفتح، وھي ضاحية فقيرة يتحدر سكانھا بالأساس من دارفور وجبال النوبة، بدأت مسيرة طلابية في ٢٥ سبتمبر/أيلول ضد ارتفاع أسعار الوقود ونفقات المعيشة. قال شاھد ل ھيومن رايتس ووتش: “لم يكن ھناك أحد يحمل في يده شيئاً باستثناء حقائب المدارس”. عندما بلغ المتظاھرون مركز الشرطة، قام رجال الشرطة في ثياب رسمية وفي ثياب مدنية بإطلاق الذخيرة الحية على المتظاھرين، ما أدى إلى تفرقھم.
• بعد قليل، حوالي الساعة ١٠:٣٠ صباحاً، قام أحدھم بإطلاق زخة من الذخيرة الحية على المتظاھرين فقتل طالب يبلغ من العمر ١٧ عاماُ يُدعى محمد أحمد الطيب. تعرف الشھود على مطلق النار، وھو أحد أعضاء شرطة أمن المجتمع يملك متجراً في الحي تم نھبه بعد ذلك. قال الشاھد: “بعد الواقعة زاد غضب المتظاھرين وبدأوا في إلقاء الحجارة وإشعال الإطارات، وردت الشرطة بالرصاص”. بعض رجال الأمن صعدوا إلى سطح مبنى وأطلقوا النار على المتظاھرين فقتلوا وأصابوا العديدين.
• وفي منطقة بانت في اليوم نفسه، أطلقت الشرطة النار على مصعب مصطفى، وھو فنان تشكيلي يبلغ من العمر ٢٩ عاماً، أثناء مظاھرة. طبقاً للشھود فإن حشداً من المتظاھرين تحرك باتجاه مركز الشرطة فأطلق رجال الشرطة الرصاصفي الھواء والغاز لتفريقھم. سمع أحد الشھود ضباط الشرطة يقولون: “أطلقوا النار على أبو شَعر”، إشارة إلى مصعب:
• ثم قام رجل الشرطة [إلى الجانب الأيمن] بتوجيه الكلاشنيكوف إلى الحشد وأطلق رصاصة واحدة. رأيت مصعب يسقط على الأرض. راح يرتعد لكنه نھض مرة أخرى والدم ينزف من صدره. راح يشھق وسار متراً واحداُ ثم سقط مرة أخرى.
• والد مصعب – الذي وصف قتل ابنه على مقطع فيديو على يوتيوب – قال إن الطبيب أكد أن الرصاصة دخلت من ظھر ابنه وخرجت من صدره.
• وفي الثورة، فإن صلاح الدين داود محمد داود، البالغ من العمر ٦٥ عاماً والمبتورة ذراعه اليمنى في حادث سيارة عام ١٩٦٦ ويدافع عن حقوق المعاقين، قد تعرض لرصاصة في الركبة فيما كان على مقربة من بيته لشأن من شؤونه. في حيه السكني كان رجال جھاز الأمن الوطني يطلقون النار على الشباب، الذين راحوا
يلقون الأحجار والطوب. بعد ھدنة في إطلاق النار، خرج داود من بيته، لكن أصيب برصاصة في ركبته اليسرى، ما أدى إلى بترھا. قال: “لا أعتقد أنھم استھدفوني تحديداً، لكنھم كانوا يستھدفون الشباب”.
• وفي أمبدة، وود نوباوي وأبو رووف وغيرھا من الضواحي، تعرض الكثير من المتظاھرين وبينھم طلبة صغار للقتل والإصابة أثناء الأسبوع. في أمبدة تم إطلاق النار على نور الدين الطيب نور الدين دھب – ١٤ عاماً – فسقط قتيلاً، في ٢٥ سبتمبر/أيلول من قبل عناصر جھاز الأمن الوطني الذين دخلوا الحي في عربات لمطاردة الشباب الذي كان يسير على الأقدام. ٣٦ في أبوروف يوم ٢٥ سبتمبر/أيلول أطلقت الشرطة الذخيرة الحية على المتظاھرين الذين كانوا في مسيرة سلمية باتجاه مركز الشرطة، طبقاً لشاھد تحدثت إليه ھيومن رايتس ووتش. أصابت رصاصة أحمد بدوي عثمان، في أواسط العشرينيات، في رأسه، فأردته قتيلاً.
………………….
رد الفعل الدولي .
كان رد الفعل الدولي على قتل المتظاھرين خافتاً واھناً، مع بيانات أولية قليلة دون جھود مستدامة للضغط على السودان بشأن وعوده بالتحقيق في أعمال القتل والانتھاكات ذات الصلة.
في ٢٧ سبتمبر/أيلول أصدر مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بياناً أعرب فيه عن “عميق القلق إزاء التقارير بمقتل أعداد كبيرة من الناس أثناء مظاھرات في شتى أنحاء السودان منذ يوم الاثنين” وطالب “جميع الأطراف بالامتناع عن اللجوء إلى العنف وأن يحافظ المتظاھرون على الطبيعة السلمية لمظاھراتھم”.
وفي اليوم نفسه فقد أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً يدين “القمع العنيف للمتظاھرين في الخرطوم” وأعربت عن قلقھا إزاء اعتقال واحتجاز النشطاء ودعت الحكومة إلى “كفالة الفضاء السياسي اللازم للحوار الحقيقي مع الشعب السوداني”.
وفي ٣٠ سبتمبر/أيلول أعرب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي عن القلق إزاء خسارة الأرواح واستخدام القوة المفرطة والاحتجاز.
لم يتفاعل الاتحاد الأفريقي مع الاحتجاجات، وظلت الأمم المتحدة صامتة اللھم إلا من خلال تصريحات الخبير الأممي المستقل المعني بالوضع في السودان، مسعود أديبايو بادرين. في ٣ أكتوبر/تشرين الأول أعرب بادرين عن القلق إزاء عدد الاعتقالات والاحتجاز الكبير منذ ٢٣ سبتمبر/أيلول والرقابة المشددة على الإعلام المحلي. في ١٩ فبراير/شباط ٢٠١٤ إثر زيارته للسودان قال: “يتوقع المجتمع الدولي تحقيقاً مستفيضاً بانتھاكات حقوق الإنسان التي وقعت أثناء مظاھرات سبتمبر/أيلول” وأشار إلى أن الحكومة أخبرته بأنھا تؤسس للجنتين للتحقيق في وقائع سبتمبر/أيلول. “يؤسفني ملاحظة أن خمسة شھور بعد ھذه الوقائع لم تصدر بعد اللجان المشكلة من قبل الحكومة تقاريرھا حول الوقائع”.

يتعين على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء في ھذه المنظمات ممارسة ضغوط علنية ومستمرة أكثر على السودان من أجل توفير المحاسبة على أعمال عنف سبتمبر/أيلول وإنھاء استخدامھا المستمر للذخيرة الحية ضد المتظاھرين السلميين، والاعتقال غير القانوني والقيود على الإعلام.



AddThis