انتهت الانتخابات السودانية للعام 2015 كما كان متوقع و ظاهر للكل
بفوز البشير بولاية اخرى و استمراره على الكرسي لخمس سنوات اضافية
انتخابات كانت هزيلة قبل ان تبدأ و لم تجذب اي اهتمام محلى اقليمي او
دولي لان نتيجتها كانت معروفة مسبقا. لكن بحسب الاحداث الجارية و الظروف المحيطة
كان يجب ان تكون هذه الانتخابات تنافسية و مفصلية. فبعد عام من انتخابات 2010 و كل
ما صاحبها من متغيرات بانسحاب مرشحي الحركة الشعبية ثم عدم قدرة احزاب المعارضة
على اتخاذ موقف سريع و واضح من المشاركة ثم الاستفتاء و الانفصال بعد عام من تلك
الانتخابات كل ذلك غير شكل و خارطة الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و
حتى الجغرافية في السودان فكانت انتخابات هذا العام فرصة مواتية للتنافس على تقديم
برامج لقيادة السودان في تحت هذه الظروف الجديدة سواء من الحزب الحاكم او احزاب
المعارضة. و على العكس فاحزاب المعارضة اعلنت انسحابها من وقت مبكر و بالتالي لم
يعبأ المؤتمر الوطني بطرح اي برامج لانه تواجد وحيدا في الساحة و لم يخرج برنامجهم
عن الكلام المعتاد من استدامة التنمية و القوي الامين و ما شابه.
كل ذلك جعل المواطن في حالة عدم مبلاة لانه لم يكن هناك امل في اي
تغير . و ترشح امام البشير مجموعة من المرشحين المستقلين او من احزاب لم يسمع بها
لا القريب او البعيد من قبل. و الكل يعلم ان المرشح المستقل يجب ان يكون شخصية اجتماعية
معروفة بحيث يستطيع ايصال صوته للناس او ان يكون المرشح مدعوم من حزب له وضعه في
الارض و يتولى الحزب تقديم ذلك المرشح للناس. و لا هذا و لا ذاك توفر في مرشحين
هذا العام.
كل ما اراده نظام المؤتمر الوطني هو شرعية يصدرها للعالم و بالتالي
كان همه الوحيد نسبة المشاركة في الانتخابات فهو فائز فائز لا محالة و لكن من 13
مليون ناخب مسجل كان النظام يملي النفس بنسبة مشاركة عالية ربما تزيد عن 80 % و
بالتالي يصدر نفس الشعار انه نظام شرعي منتخب. لكن الشعب قاطع الانتخابات بشكل
استفز الحزب و جعلهم يبحثون عن مخرج بالكذب و الاشاعات و بالارقام الوهمية و بالتزوير
و بمد فترة التصويت و لكن بلا نتيجة و لا فائدة.
طبعا نسبة 94+% التي حصل عليها البشير انا شخصيا اشك انها اقل مما حصل
عليه لكن لم يكن هناك اي منافس و بالطبع لم يرد النظام اعلان نتائج دكتاتوريات
العرب ب 99.99 % و لكن لا اتصور ان هنا 6% تقريبا من العدد البسيط الذي صوت قد
اعطى اصواته لغير البشير.
عموما نعود لتحليلنا للاوضاع الحاصلة و نتركنا من الاماني. فالامنية
هو رحيل هذا النظام المستبد و لكن الحقيقة ان ان ذلك صعب في الوقت الراهن في غياب
اي فعاليات مقاومة حقيقة و تنظيم للقوى في الارض. لكن التغيير سيأتي لان المؤتمر
الوطني مستمر في ضلاله و بدل ان يستفيد من الاحداث الجارية في تطبيق اي اصلاح حتى
و لو كان شكلي ليستميل به اكثرية في الشارع لا تميل لا للنظام و لا للمعارضة انما
اغلبية تمنى النفس ان تعيش في اشتقرار و امان و ظروف افضل. فكان يمكن للمؤتمر
الوطني ان يحاول ان يسوق لاي اصلاحات و تغييرات يشعر منها العامة ان النظام يريد
الخير لهم و لكن استشعر المؤتمر الوطني بالقوة لوجوده وحيدا في الساحة و استعدى
المعارضة اكثر و ابتعد عن الشعب و لم يقدم له اي عون او اصلاح و بالتالي مازال
النظام يحفر في قبره بنفسه بدل من يحاول ان يتقرب للشعب. على النقيض يحاول النظام
الان ان يستمد شرعيته و يقوي اركانه بالتحالفات الاقليمية عسى ان يجد الدعم من
جيرانه و من دول الخليج خاصة. فهاهو الرئيس حتى قبل تنصيبه يقوم بالرحلات المطوكية
كل بضع اسابيع بين دول الخليج و ها هو يجر البلاد في حرب خارجية بدون استشارة
البرلمان الذي يسميه النظام منتخب و قبل ايايم من الانتخابات الرئاسة فهل يعقل ذلك
!!!
كان على النظام ان ينتظر الانتخابات ليقدم على الدخول في حرب خارجية
هي اساسا ليست معركته و لكنه دخل فيها بقرار اتخذ في دقائق على ما يبدو و ثم خرج
النظام بيرر لذلك القرار بحماية المقدسات و الحرمين ليقنع بها العامة من الناس
لغيرتهم على دينهم و لكن حقيقة الحرب انها لا علاقة لها بحرمين و لا اي مقدسان بل
هو صراع اقليمي بين قوى لا تسطيع ان تتواجه فعليا الا عن طريقة استخدام اذرعها و
ايجاد مبررات واهية و البحث عن ارض للمعركة لا بواكي عليها كاليمن. و الان الكل
يسأل عن اهداف تلك الحرب و عن النتائج التي حققت منها و عن استفادة السودان من
الدخول فيها. قرار متخبط يوضح كيف تدار سياستنا الخارجية فالطرف الاخر في الصراع
في هذه الحرب كان حليفنا حتى وقت قريب و كنا نجري المناورات العسكرية معه في البحر
الاحمر لارهاب الطرف الاخر في الخليج و الان انقلبنا عليهم !!! طبعا بالنسبة لدول
الخليج نحن لا نشكل اي وزن و لكن مجرد زيادة الحشد في الحرب يعطيها مزيد من
الشرعية و التبرير لزائفين بالضبط كبحث المؤتمر الوطني عن عدد اكبر من الناخبين في
النتخابات الماضية.
و دمتم سالمين