Monday, December 28, 2015

إستمرار المقاومة السلمية المدنية هو الطريق لإنتزاع الحقوق

تحتفل المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً باليوم العالمي لحقوق الانسان ( العاشر من ديسمبر كل عام). وياتي احتفال هذا العام تحت شعار (حقوقنا وحرياتنا دائما) كما جاء في بيان الامين العام للامم المتحدة، متزامنا مع الذكري السنوية الخمسين للعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الانسان (العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)، والذين يكونا الي جانب الاعلان الدولي لحقوق الانسان، الصادر في العاشر من ديسمبر 1948، الشرعية الدولية لحقوق الانسان.


ياتي احتفال هذا العام والسودان يشهد تدهورا مستمرا ومريعا في اوضاع حقوق الانسان خلال العام المنتهي من انتهاكات للحريات والحقوق الاساسية وارتكاب للجرائم الجسيمة من قبل مختلف مؤسسات الدولة السودانية، رصدتها ووثقت لها تقارير المنظمات الوطنية والدولية المستقلة العاملة في مجالات حقوق الانسان المختلفة. حيث كشفت تلك التقارير عن واقع ومشاهد مروعة لحقوق الانسان، نوجز اهم ملامحها في التالي:

استمرار الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، بما في ذلك التهجير القسري والقصف الجوي والهجمات العشوائية علي المدنيين وتدمير المساكن والمستشفيات والمدارس والاسواق ودور العبادة، بالاضافة الى تزايد اعداد النازحين واللاجئين هربا من استهداف القوات الحكومية ومليشياتها، وبحثا عن الآمان في معسكرات اللجؤ والنزوح.


الاستمرار في منع ايصال المساعدات الانسانية لمئات الآلاف من النازحين وضحايا الحروب في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان/ جبال النوبة، ووضع القيود علي عمل المنظمات الانسانية، وسيطرة الاجهزة الامنية علي مجمل العمل الانساني، واستخدام الغذاء كوسيلة للابتزاز السياسي وكسلاح لتحقيق مكاسب عسكرية.

الاستمرار في ممارسة التعذيب والضرب والمعاملة المهينة والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والقتل خارج القانون، واحكام الاعدامات عبر المحاكات الايجازية ضد أسرى الحرب، وارتكاب جرائم الاغتصاب الجماعي والجرائم الجنسية من قبل الاجهزة الحكومية ومليشياتها.


الاستمرار في حرمان السودانيين من الحقوق المدنية والسياسية وازدياد القيود المفروضة علي حرية التعبير والصحافة والحصول على المعلومات ونشرها، والقيود على حرية التجمع السلمي والاجتماع والتنقل والسفر، ومحاصرة العمل الطوعي بمنع النشاط الحر لمنظمات المجتمع المدني واغلاق بعضها، والحد من حرية ونشاط الاحزاب والقوى السياسية من العمل السلمي المعارض، وغيرها من قيود ادت الى تضاؤل الحيز السياسي والمدني، بما فيها ممارسة الارهاب والابتزاز السياسي على القوى الفاعلة.


استمرار التمييز الممنهج ضد الاقليات الدينية ووضع المزيد من القيود علي الحرية الدينية وحرية العقيدة، ونزع ملكية الكنائس واغلاقها واعتقال المسيحيين وحرمانهم من ممارسة الشعائر الدينية.


استمرار الاستهداف من قبل الاجهزة الامنية للمواطنين علي الاساس الجهوي والإثني، والايغال في العنصرية الممنهجة وإشاعة خطاب الكراهية والإنقسام العرقي، مستهدفة بصورة خاصة الطلاب المنحدرين من اقاليم دارفور ومن مناطق الحروب الاخرى.


ازدياد معدلات الفقر والحرمان من الحقوق الاقتصادية حيث يجد اكثر من ستة مليون سوداني صعوبة في الحصول علي الغذاء، بالاضافة الى الانهيار المستمر في مجالات التعليم والصحة والمياه النظيفة.


استمرار التمييز والقهر المنظم ضد النساء، وارتكاب جرائم العنف الجنسي واستخدام الاغتصاب كسلاح للحط من كرامة وانسانية النساء السودانيات.


استمرار سياسة الافلات من العقاب والتستر علي مرتكبيّ الانتهاكات الجسيمة من المسؤولين الحكوميين، بما فيها عدم تنفيذ ما ينصف ضحايا الجرائم الجسيمة من قرارات دولية وإقليمية.


وتدعو المجموعة السودانية للديمقراطية اولاً في احتفالها باليوم العالمي لحقوق الانسان هذا العام، تدعو القوى المدنية والسياسية السودانية من احزاب وتنظيمات سياسية واتحادات وروابط ونقابات وهيئات المجتمع مدني المستقل للاستمرار في تصعيد العمل من اجل انتزاع الحقوق عبر المقاومة السلمية المدنية، وان تعلي بان لا مساومة في قضية حقوق الانسان، بتعزيز جهود حمايتها والدفاع عنها ونشر ثقافتها.


كما تدعو المجتمع الدولي والإقليمي في هذا اليوم، خاصة الهيئات والمؤسسات المعنية بحماية واحترام حقوق الانسان، تدعوها الى عدم التسوية بقضايا حقوق الانسان في مقابل تحقيق المصالح السياسية لها مع منتهكيّ تلك الحقوق، وبما يشعر ضحايا الانتهاكات في السودان بان العالم ومؤسساته المعنية بحقوق الانسان تشعر بمعاناتهم وتقف الي جانبهم، وليس الى جانب جلاديهم.


ان المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً اذ تحتفل باليوم العالمي لحقوق الانسان تجدد التزامها بالعمل من اجل اطلاق الحريات والغاء كافة القوانين المقيدة لحقوق الانسان، ورفع القيود المفروضة علي العمل الانساني بإيصال الإغاثات، والسعي من اجل تحقيق العدالة وانصاف ضحايا القمع والحروب، تمهيدا لطريق بلوغ السلام العادل والتغيير الديمقراطي في السودان.


Monday, November 30, 2015

زواج القاصرات في السودان


تتزوج اثنتان من كل خمس سودانيات قبل سن الثامنة عشر ، بحسب ما أوضحت نشرة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية بالسودان (اوشا) نقلاً عن المسح متعدد المؤشرات لعام 2014.

وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للسكان ان الفتيات اللائى يتزوجن فى سن أقل من (18) عاماً يكن اكثر عرضة للعنف على أساس النوع . ويعد زواج الطفلات انتهاكاً لحقوق الانسان ، يضر بصحة الفتيات ، ويحرمهن من التعليم والرفاه على المدى الطويل ، كما يضر بصحة وتربية الأطفال المولودين من أمهات صغيرات.

ودشن الاتحاد الافريقى حملة لمناهضة زواج الطفلات 29 مايو 2014.

واطلقت الأمم المتحدة ابتداء من 25 نوفمبر الجارى مبادرة (العالم برتقالي) لتعزيز الجهود العالمية الداعية إلى وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات، الذي تتضرر منه واحدة من كل ثلاث في العالم.



Monday, November 16, 2015

اليونسيف - أطفال شرق السودان ضحايا لسوء التغذية


حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من ارتفاع نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بشرق السودان ، كما أبدت تخوفها من وجود تحديات لا تزال قائمة وتواجه عملها هناك مثل كيفية الوصول لكل الأطفال المحتاجين.

وأعلن الممثل المقيم لـ يونيسيف بالسودان غيرت كابلير أن منظمته ستطلق نداء دوليا لمواجهة سوء التغذية بشرق السودان.

وأشار إلى أن بعض المناطق ما زالت تعاني من سوء التغذية للأطفال وصلت نسبته 83%، مبديا تخوفه من وجود تحديات لا تزال قائمة تواجه عمل المنظمة بالسودان، مثل كيفية الوصول لكل الأطفال المحتاجين.

بدوره عزا مساعد رئيس حزب مؤتمر البجا بشرق السودان المجاعة التي تهدد الإقليم لانهيار المشاريع الزراعية الكبرى، مثل مشروع القاش وطوكر التي كان يغطي إنتاجها آلاف الأسر مع توفيرها فرص عمل لنصف سكان الإقليم.

وأشار عبد الله موسى للجزيرة نت إلى أن توقف الأمطار الموسمية تسبب بفشل الموسم الزراعي بولايات شرق السودان، واصفا أوضاع المواطنين وخاصة الأطفال بالكارثية.

وقال عضو المجلس التشريعي لولاية البحر الأحمر السابق حامد إدريس إن “الأمر يشكل تهديدا لوجود كل إنسان في المنطقة
وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى وجود مؤشرات بنذر فجوة غذائية في ظل ارتفاع جنوني بأسعار ما هو موجود من مخزون الذرة أو القمح والمواد الغذائية الأخرى، داعيا المنظمات الدولية إلى التحرك من خانة إطلاق التحذيرات إلى تقييم حقيقي لحجم الاحتياجات الغذائية المطلوبة.

وشدد إدريس على أن ما سيواجه السكان بالمرحلة المقبلة يحتاج لاستقطاب الدعم العالمي لبرامج الغذاء المحلية والعالمية، لافتا إلى أن “محاولات بعض الأطراف الرسمية وشبه الرسمية غض الطرف عن الواقع السيئ لن يحل المشكلة ولن يخفيها.

بينما رأى مقرر تحالف شرق السودان عثمان عقيد أن أوضاع الأطفال بالشرق هي الأكثر سوءا من بين الشرائح المجتمعية، رغم الجهود التي بذلتها المنظمات الدولية والمحلية لأجل تحسينها على مدى أعوام.

ويعتقد أن الصراع بجبهات مختلفة من العالم ساهم بتقليل مساعدات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى شرق السودان “الذي ظل يعاني مشكلات مختلفة أقلها الزحف الصحراوي الذي بدأ يضرب المنطقة منذ سنوات.



Saturday, November 7, 2015

حالات فساد: حملات الشرطة لمكافحة صناعة الخمور البلدية والاتجار فيها





في سبتمبر من العام 1983 تم إقرار قوانين ذات طابع إسلامي بالسودان، وتبعا لذلك تضمن القانون الجنائي السوداني في كل مراحله التشريعية التي تلت هذا الأمر مواد قانونية تجرم صناعة وحيازة وتعاطي الخمور، حيث يقر هذا القانون عقوبة السجن لمدة لا تتجاوز العام بالإضافة للغرامة التي يحددها القاضي، على كل من يتعامل في الخمر بالبيع أو الشراء أو التصنيع أو التخزين أو الحيازة.

اهتمت الشرطة السودانية بمكافحة صناعة الخمور البلدية و ضبط الاتجار فيها وتعاطيها، بوصفها الجهة القانونية المناط بها تنفيذ القانون، وذلك بتسييرها لحملات راتبه على أماكن تصنيع وبيع هذه الخمور والتي عادة ما تكون في الأحياء الطرفية للمدن السودانية التي يسكنها في الغالب الفقراء من السودانيين الذين أجبرتهم الصراعات المسلحة والفقر على النزوح من مناطقهم الريفية والاستقرار على أطراف هذه المدن، لتمتهن النساء صناعة وبيع الخمور البلدية لكونها تجارة رائجة ومربحة ولا تحتاج لأموال كبيرة لممارستها، وان كانت محفوفة بالمخاطر القانونية إذ تعرض من تضبط بحوزتها المصنوعات للسجن والغرامة.

درجت المحاكم السودانية على إصدار عقوبات بشأن التعامل في الخمور البلدية تتراوح في الغالب بين السجن لمدة (شهر إلى شهرين) بالإضافة إلى الغرامة المالية التي تتراوح ما بين (1500 إلى 10000) جنيه. وفي حالة العجز عن دفع الغرامة السجن لفترة تتراوح ما بين (4 – 6) أشهر حسب قيمة الغرامة. هذه العقوبات الرادعة والمتشددة فشلت في أن تؤدي إلى القضاء على صناعة الخمور البلدية والاتجار فيها، بل قادت إلى قيام وضعية إفسادية أنشأها إفساد التدابير القانونية المرتبطة بحملات الشرطة الخاصة بمكافحة وضبط هذه الصناعة والتجارة.

وتتلخص هذه الوضعية الإفسادية المنتشرة في أغلب أنحاء السودان في قيام بعض أفراد دوريات الشرطة، المناط بها تنفيذ حملات مكافحة الخمور البلدية، بمساومة النسوة اللائي يتم ضبطهن بصناعة الخمور أو الاتجار فيها على إطلاق سراحهن مقابل دفع مبلغ مالي، بدلاً عن مواصلة الإجراءات القانونية في مواجهتهن، والتي سيترتب عليها السجن الإلزامي بالإضافة إلى الغرامة المالية العالية، الأمر الذي يشكل منطقاً قوياً لكنه فسيد، مما يدفعهن للانصياع لهذا الابتزاز.
وفي سبيل البحث والتقصي حول هذه الوضعية الإفسادية أجرينا استطلاع وسط عدد من النساء اللائي يمتهن صناعة وبيع الخمور البلدية في منطقتي (م. ث) و(ح. ج) بإحدى ولايات السودان، حيث تشتهر المنطقة الأولي بصناعة الخمور البلدية والثانية بترويجها، وشمل الاستطلاع عدد عشرة نساء بواقع خمسة نسوة من كل منطقة. حيث اشتمل الاستبيان على ستة أسئلة هي:

هل سبق أن تعرضت لمثل هذا الابتزاز من قبل؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، كم عدد المرات؟
كم عدد المرات التي يحدث فيها هذا الابتزاز في المنطقة خلال الأسبوع حسب علمك من النسوة اللائي معك بالحي؟
كم عدد حملات الخمور التي تقوم الشرطة بتسييرها في المنطقة خلال اليوم؟ وما هي الأقسام التي تسيّرها؟ وفي أي توقيت يتم تسييرها؟
هل هناك حملات يقوم بها بعض أفراد الشرطة من تلقاء أنفسهم دون علم رؤسائهم؟ وإذا كانت الإجابة بنعم كيف علمت بذلك؟ وما هو توقيتها عادة؟
   كم تبلغ قيمة المبلغ الذي يتم دفعه عادة لأفراد الشرطة كمساومة مقابل إطلاق السراح؟
  كيف تتم هذه المساومة؟ وهل تتم بعلم الضابط المسئول عن الحملة؟
وجاءت نتائج الاستطلاع على النحو التالي:
في السؤال الأول كانت إجابة (8) من المستطلعات بنعم على تعرضهن لهذا الابتزاز، بينما تعرضت (6) منهن له لأكثر من مرة. بينما أجابت (2) بعدم تعرضهن له.

  وفي السؤال الثاني كانت إجابة (7) من المستطلعات بحدوثه (4) مرات في الأسبوع، و(2) منهن أجبن بحدوثه (3) مرات في الأسبوع، بينما أجابت (1) منهن بحدوثه مرتين في الأسبوع.

وفي السؤال الثالث كانت إجابة جميع المستطلعات بأنه لا توجد وتيرة واحدة لعدد الحملات ولكن في الغالب الحملات مرتين في اليوم: صباحية تستهدف مناطق صناعة الخمور، ومسائية تستهدف أماكن بيعها، وفي بعض الأحيان تكون أكثر من ذلك، وفي أحيان أخرى تتوقف تماماً، خصوصاً في أوقات الاضطرابات الأمنية والمظاهرات والانتخابات. والجهات التي تقوم بهذه الحملات هي قسم الشرطة الذي تقع المنطقة المستهدفة بالحملة في دائرة اختصاصه، بالإضافة لشرطة أمن المجتمع التي تشمل دائرة اختصاصها كل أنحاء المحلية، وأحياناً تقوم بعض أقسام الشرطة بإجراء حملات خارج دائرة اختصاصها.

  وفي الإجابة على السؤال الرابع اتفقت جميع المستطلعات على وجود حملات غير رسمية يقوم بها بعض أفراد الشرطة من مختلف الأقسام دون علم رؤسائهم، وتأكد لهن هذا الأمر بواسطة بعض أفراد الشرطة الذين اخبروهن بأن هذه الحملات تتم دون علم ضباط القسم. وكذلك من شكل وتوقيت هذه الحملات الخاصة، إذ أنها تتم عادة في أوقات متأخرة بعد منتصف الليل، ويحضر منفذوها إما راجلين أو على متن (ركشات) ولا يحضرون بسيارات الشرطة.

   وفيما يختص بالإجابة على السؤال الخامس كانت إجابة (8) من المستطلعات بأنه لا توجد قيمة مالية محددة لهذه المساومة، فتحديد قيمتها يعتمد على كمية المضبوطات، والحالة المزاجية لأفراد الحملة ومقدرة المرأة المضبوطة على المساومة وإقناعهم بتخفيض المبلغ، ولكن اقل مبلغ تم دفعه بواسطة المستطلعات كان (500) جنيه، وأعلى مبلغ كان (1000) جنيه.

وفيما يختص بالسؤال السادس كانت إجابة (8) من المستطلعات بأن هذه المساومة تتم بالاتفاق بين صف الضباط والجنود دون علم الضابط المسئول عن الحملة، ولكن في بعض الأحيان تتم هذه المساومة بمعرفة بعض الضباط (الصفوفيين) وأمامهم. أضفن كذلك بأن هذه المساومة تتم في الفترة ما بين ضبط الخمور وتحريزها وحضور عربة الشرطة المخفية في الشوارع الجانبية. الجدير بالذكر بأن الشرطة عند تسييرها لهذه الحملات تقوم بإخفاء عربة الشرطة بشارع جانبي أو عند طرف الحي، ومن ثم يتم توزيع رجال الشرطة راجلين للقيام بعمليات التفتيش والضبط، ويتم إحضار العربة بعد ذلك لترحيل المقبوض عليهم إلى قسم الشرطة. فتتم المساومة سريعاً بواسطة أفراد القوة (الراجلة) قبل الاتصال وطلب حضور العربة، وبعد قبض ثمن المساومة يخبرون الضابط المسئول بعدم عثورهم على أي خمور في المنزل الذي قبضوا منه الثمن. أما في حالة الحملات التي يجريها الأفراد من تلقاء أنفسهم ودون علم رؤسائهم، فتتم المساومة علناً وبهدوء ودائماً ما تكون قيمتها أعلى من المساومة في الحالة الأولى، لوجود مساحة من الزمن أمام أفراد الحملة المفسدين، وفي المقابل ضيق فرصة المناورة من قبل المرأة المضبوطة.

ولمزيد من تأكيد حدوث هذه الوضعية الإفسادية، وتعضيد المعلومات التي حصلنا عليها من الاستبيان المشار إليه أعلاه، توجهنا بالسؤال لعدد خمسة من أفراد الشرطة المتقاعدين من الذين كانوا يعملون بهذه الحملات في ذات المحلية التي تضم مناطق الاستبيان، حول مدى صحة هذه المعلومات ومدنا بأي معلومات إضافية عن الموضوع، فأكدوا لنا وجود هذه الوضعية الإفسادية بمختلف أقسام الشرطة بالولاية، وصحة كل المعلومات التي حصلنا عليها من الاستبيان، وأضافوا بأن الإفراد الذين يقومون بهذه المساومات يقومون بالتغطية عليها بضبط بعض الحالات ومواصلة الإجراءات القانونية وتدوين بلاغات جنائية بشأنها حتى لا يؤدي ضعف عدد البلاغات المدونة إلى اكتشافها.

هذه الوضعية الإفسادية تترتب عليها الكثير من الآثار الاجتماعية والنفسية والقانونية فممارسة هذا التعسف ضد هؤلاء النسوة يزيد من معاناتهن وفقرهن، وقد أجبرتهن الأوضاع الاقتصادية المتردية والصراعات المسلحة على النزوح وامتهان هذه المهنة المحفوفة بالمخاطر، لا سيما وأن غالبيتهن بدون عائل.

كما أن هذه الوضعية الإفسادية تؤجج النعرات العنصرية وتهتك نسيج المجتمع السوداني، باعتبار أن صانعات الخمور البلدية يتحدرن من مناطق محددة في السودان ومن مجموعات إثنية بعينها وأجبرتهن الظروف المشار إليها أعلاه على ممارسة هذه المهنة، فالتعسف القانوني والابتزاز المصاحب له يؤجج هذه النعرات ويولد الإحساس بالغبن والاستعلاء العرقي.

كذلك هذه الوضعية الإفسادية تقدح في مصداقية الشرطة كجهاز مناط به تنفيذ القانون مما يفقدها احترام وثقة المجتمع.

لتلافي هذه الأمور وبهدف الحد من الآثار السالبة التي أوجدتها هذه الوضعية الإفسادية، يتعين على الدولة أن تبحث عن أساس وجذور مشكلة صناعة الخمور البلدية والاتجار فيها، إذ لم تؤدي الحلول القانونية والعقوبات التي يقرها القانون الجنائي بشأنها ولمدة (32) عاما إلى القضاء عليها، بل ظلت تزدهر وتتنامى عاما بعد عام، كما أن التشدد والتغليظ في هذه العقوبات لم يحد من انتشارها بل قاد إلى إفساد التدابير القانونية الخاصة بمكافحتها.

ومن هنا يتضح بأن المشكلة الأساسية هي مشكلة اجتماعية واقتصادية قبل أن تكون قانونية، لذلك على الدولة أن تجري دراسات اجتماعية وسط هذه الفئات من النساء العاملات بهذه التجارة، والاهتمام بتقديم المساعدات اللازمة لهن، كما عليها أن تسمح للمنظمات المحلية والأجنبية بالعمل وسط الفقراء المتواجدين على أطراف المدن السودانية لتقديم الخدمات والمساعدات التي تحد من فقر هذه الفئات، بتمليكهم وسائل إنتاج ومصادر رزق أخرى.

كما على الشرطة السودانية أن تولي أمر حملات مكافحة الخمور البلدية الاهتمام الكافي، فيجب عليها أن تضع الضوابط الإدارية المحكمة التي تضمن نزاهتها، حيث صار يشكل إهمال هذا الجانب من مهامها وتركه دون ضوابط مناخاً جيداً للمفسدين من أفرادها، مما أصبح يفقدها احترامها ومصداقيتها.


Wednesday, October 28, 2015

الغثاء الأحوى في تصريحات المسئولين السودانيين





يقول الكاتب هوتسون بيترسون في كتابه "مجموعة الخطب العظمى" أن السياسي يجب أن يتمتع بذاكرة قصيرة، وهو أمر لا غنى عنه، لاضطراره لمناقضة نفسه تبعا للمناسبات العديدة التي تجابهه في كل ساعة. و تلك للأسف حقيقة السياسة لانها مجال متقلب الاحوال و كسياسي تحتاج للتقلب تبعا لهذه التغيرات للحصول على اكبر المكاسب الممكنة, و ذلك يجعل السياسيين هم الميكافيليين الحقيقيين.

بالنسبة لدولنا العربية, فالسياسيين القابعين في السلطة و أن كانوا غير مباليين بخدمة شعوبهم, ألا انهم عندما يتحدثون فأنهم يحاولون أن يقولوا ما يريده الناس او ما قد يرضي طموحهم. على سبيل المثال, بعضهم يكرر نحن امة عظمى و العالم بتربص بنا و لكننا قريبا سنرتقي لمصاف دول العالم الاول! و العديد مما يشبه ذلك بمنطق "شوف الشعب عايز ايه و قوله لهم".
تنعكس هذه النظرية في السودان رأسا على عقب,حيث المسئولين لا يتوقفون عن احتقار المواطن و التقليل من شأنه في خطاباتهم و تصريحاتهم. آخر هذه التصريحات المشينة كان لبعض نواب البرلمان و نشرتها الصحف السودانية يوم 28 أكتوبر الماضي و التي تقول ان السودان ليس بلد فقير و لكن الشعب هو من أفقر البلاد بسبب سياساته تراخيه و عدم جديته !!! شخصيا لم أكن أعلم بمصطلح "سياسة الشعب"  من قبل هذا التصريح و أحب أن أشكر نواب البرلمان على هذه المعلومة.

اثار هذا التصريح ذاكرتي لتسترجع شريط عجائب تصريحات المسئولين السودانيين, و أليك عزيزي القارى بعض منها:
في سبتمبر 2013 و خلال موجة الأحتجاجات الشعبية ضد الأصلاحات الأقتصادية التى أقرتها الحكومة و خصوصا رفع الدعم من المحروقات, خرج قطبي المهدي مستشار الرئيس و القيادي في المؤتمر الوطني في تصريح مضحك للتقليل من تأثير رفع الدعم عن المحروقات باعتبار ان غالبية الشعب السوداني يركب الدواب فلا حاجة لهم بالمحروقات !!! تصريح كوميدي من قيادي بالدولة أُريد به الدفاع عن نظام الأنقاذ و لكنه كان على العكس ضربة للنظام. وصل نظام الأنقاذ للسلطة في العام 1989 و لو كان غالب السودانيين يركبون الدواب في ذلك العام, فتصريح المهدي يدل أنه بعد ربع قرن من حكمه لم يقدم نظام الأنقاذ اي شي لتطير حياة السودانيين. أما ان لم يكن غالب السودانيين يركبون الدواب عن وصل الأنقاذ للسلطة فهذا يدل على أن النظام أفقر الشعب و أعاده للوراء. أذا هذا التصريح بكل الأشكال تصريح أدانة للحكومة و أهانة للشعب. الأغرب أن قبل عام من تصريح المهدي كان ربيع عبد العاطي مستشار وزير الأعلام في وقتها قد صرح ان حكومة الأنقاذ عندما أستلمت السلطة لم يكن مجموع الشوارع المسفلتة في السودان يتجاوز 800 كم و لكنه وصل إلى 4000 كم في العام 2012. أذا كان أغللب الشعب يركب الدواب بحسب قطبي المهدي فأذا يجب محاسبة الحكومة على أهدارها لأموال الشعب في تعبيد و رصف الطرق بدلا من مجرد زراعتها بالبرسيم على الجانبين!
في نفس السياق كان وزير الخارجية السابق مصطفى عثمان أسماعيل قد صرح أن الشعب السوداني تعود على الرفاهية و يصعب فطامه. تشبيه الشعب بالطفل المفطوم تعتبر أهانة كبرى و لكن قبل ذلك اليست رفاعية الشعب تعتبر من اولويات اي نظام حاكم ؟ و لماذا يعبرها الوزير منقصة في حق نظامه أنه جعل السودانيين يعيشون في رفاهية مزعومة.

عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم الأسبقكان له نصيب من فوضى التصريحات, حيث قال في مؤتمر صحفي أبان فترة الأحتجاجات في 2013 و لتبرير قتل المتظاهرين من قبل الشرطة, قال ان الشرطة لم تقتل أحدا و لكن بعض المواطنين دافعوا عن انفسهم و ممتلكاتهم ضد المتظاهرين المخربين و قتلوهم. إلى هنا قد يبدوا التصريح منطقيا و أن كان يدين الشرطة لغياب الأمن و تركها للمواطن يدافع عن نفسه بنفسه و لكن الوالي أكمل التصريح بالقول كل من مات له شخص يذهب و يبحث عن قاتله فالشرطة لم تقتل أحدا. في وقتها اعدت سماع التصريح مرارا و تكرارا لان أذني لم تصدقه في البداية. فبعد أن دافع المواطنون عن ممتلكاتهم ضد بعض المخربين حسب وصف الوالي على أهل القتلى أن يذهبوا و يايأخذوا حق قتلاهم بنفسهمو كان الوالى يحكم غابة و ليس ولاية !!! ثم عقب وزير الداخلية آنذاك أبراهيم محمود على كلام الخضر أنه لم يقتل خلال الأحتجاجات و أن صور القتلى المتداولة كانت من دولة مجاورة. هل يعقل خلال نفس المؤتمر الصحفي يعلن مسئول اول انه هناك قتلى قتلهم بعض المواطنين ثم يرد مسئول آخر انه لا يوجد قتلى بتاتا البتة.

نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية أبان احتجاجات سبتمبر 2013 قلل من شأن التظاهرات على نظام الأنقاذ و انها لن تكون موجة أخرى من موجات الربيع العربي و قد استخدم السيد نافع تعبيرا سودانيا للدلالة على الاستحالة بقوله ان لحس المتظاهرين لاكواعهم اسهل من إسقاط الحكومة في الخرطوم.

النائب البرلماني دفع الله حسب الرسول له نصيب وافر من التصريحات الشاذة و الغريبة. في مرة قال أن أي فتاة غير مختونة هي عفنة و يجيب الأبتعاد عنها. و في مرة أخرى قال أن الرجال السودانيون يجب أن يتزوجوا عدة زوجات لينجبوا مزيدا من الأبناء لان السودان أمة مستهدفة والجيش يحتاج إلى دعم و مزيد من الأفراد في صفوفه. و عندما أجتاحت الجبهة الثورية عدة مناطق في ولاية كردفان في مايو 2013 قال النائب حسب الرسول أن تلك الحرب كانت غضب إلاهي لان مسئولين ولاية كردفان يسمحوا للفتيات بممارسة رياضة كرة القدم. و أيضا صرح في مرة أن توفير الواقي الذكري هو دعوة علنية للمارسة البغاء و الدعارة. عموما بسبب تصريحات البلماني حسب الرسول الذي لا تخرج من دائرة النساء تم تلقيبه بلقب "حسبو نسوان"

في نهايات عام 2014, قدمت وزارة الصحة لمجلس الولايات تقريرا عن الأحتياطات و الأستعدادات التي اتخذتها الوزارة مواجهة وباء ايبولا. و خلال جلسة الاستماع للتقرير, أنتقد نواب المجلس الأجراءات التي  اتخذتها وزارة الصحة لمنع دخول الوباء للبلاد وطالبوا المواطنين بالتوجه للمساجد وتلاوة القرآن الكريم والتضرع الى لله لمنع دخول الإيبولا.
في عام 2014 صرح والي جنوب دارفور آدم محمود جار النبي في محاولة تبرير انتشار ظاهرة السرقة باستخدام الدراجات النارية ولايته, "انتشار الدراجات النارية بالولاية مخطط غربي صهيوني".

و يبدو ان عام 2014 كان عام كوميديا التصريحات بلا منازع, ففي يوليو صرح سالم الصافي حجير رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان أن ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه إلى حاجة التجار لشراء الكريمات وإكسسوارات الفتيات، وقال: "الحكومة توفر حاجتها من الدولار لشراء الأدوية والقمح والوقود وما في شيء برفع سعر الدولار الا التجار ليشتروا به الكريمات واحتياجات البنات".
في الوقت الذي اكد فيه حاج ماجد سوار، الامين العام لجهاز السودانيين العاملين بالخارج، أن عدد السودانيين الذيم هاجروا من السودان بين 2009 و 2014 تجاوز 347 ألف شخص استقر معظمهم في دول الخليج. وتحتضن السعودية أكبر جالية سودانية مهاجرة عبر العالم، إذ يقيم بها وبصورة شرعية أكثر من مليوني سوداني. خرجت وزيرة الرعاية الاجتماعية في ولاية الخرطوم، عفاف أحمد عبد الرحمن لتقول إنها "مع هجرة الشباب، ومع مبدأ الهجرة، فتلك سنّة نبوية و يجب على الشباب الأقداء بها".

في فبراير من هذا العام, تم اغلاق جسر المنشية على النيل الازرق في ولاية الخرطوم امام حركة المرور بحجة الصيانة. و قد كان هذا الجسر قد افتتح في 2006. عموما بعد اغلاق الجسر خرج طارق شاكر عباس مدير الإدارة العامة للشؤون الفنية في هيئة الطرق والجسور في ولاية الخرطوم بأغرب تصريح, حيث صرح ان سبب تصدع الجسر و تآكل اساساته قد حدث بسبب "الجقور"! و الجقر في العامية السودانية هو الفأر الضخم. في رأيي بعد هذا التصريح يجب تحديث مناهج الأحياء في المدارس لأضافة الخرسانة المسلحة كأحد اغذية الفئران.

بطل كوميديا التصريحات في نظام الأنقاذ هو عبد الرحيم محمد حسين والي الخرطوم الحالي, وزير الدفاع الأسبق و وزير الداخلية السابق. غرابة تصريحات هذا الرجل جعلت السودانيين يطلقون عليه لقب "اللمبي" و هو اسم شخصية سنمائية مصرية اشتهرت بالكوميديا و السذاجة.  فبعد الرحيم محمد حسين هو الذي قال مبررا عدم التصدي لهجوم الطيران الأسرائلي على مدينة بورتسودان عندما كان وزيرا للدفاع, أن الطائرات اغارت في الظلام وقت صلاة العشاء و كان اضواء هذه الطائرات مطفئة !!! و أضاف أنهم في وزارة الدفاع سيعممون تقنية الدفاع بالنظر على طول الساحل الشرقي لصد اي عدوان مستقبلي  , فما كان من الذيع إلا ان طلب توضيحا لتقنية الدفاع بالنظر فأجاب الوزير بسذاجة أنه سيتم نشر أفراد لمراقبة السماء على طول الساحل لرصد أي اختراق للأجواء 
السودانية.

و كلما وجهت اسرائيل ضربة للسودان خرج المسئولون بتصريحات اغرب من سابقتها. بعد غارة الطيران الأسرائيلي على مصنع اليرموك في العاصمة الخرطوم عام 2012 و هي الغارة التي سبب الرعب لعدد كبير من سكان العاصمة و حولت ليلهم إلى نهار. خرج الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد و قال أن كل ما حدث كان حريقا بسبب تطاير الشرر من ماكينة لحام داخل المصنع و لان المنطقة تكثر فيها الحشائش والأشجار فقد ساهم ذلك في انتشار النيران.
و رغم أن السودانيين يتداولون هذه التصريحات بنوع من التندر و الضحك و لكنها تصريحات خيرة في باطنها تدل على أستهتار بالسودان و السودانين و مقدراتهم و عدم وضع أي وزن للرد فعل الناس على هذه التصريحات.


و دمتم سالمين 


Sunday, October 11, 2015

و ابتدأ الحوار في بلداً ليله زي النهار





صباح العاشر من اكتوبر, 2015 انطلق في الخرطوم ما عرف اعلاميا و اجتماعيا بالحوار الوطني! حوار انطلقت اول دعوة له في يناير,2014 و بعد 21 شهرا من التحضير من الترغيب و التقريب من التهديد و الوعيد لمن اراد المؤتمر الوطني الجلوس معهم في طاولة الحوار هل ظهر الحوار ملبيا للتطلعات و الامآل ؟ هل تم تمهيد كل الصعاب و تذليل كل العقبات ليتم عقد هذا الحوار على ارضية مشتركة مرضية لكل اطياف الشعب ؟ و هل سيصل المتحاورون لاي نتائج يمكن ان تنعكس على الحياة السياسية المحتقنة و الاجتماعية المتفككة و الاقتصادية المتريدة في السودان؟

في البداية وجهت الحكومة الدعوة لما يسمى الاحزاب و السياسيين المعارضين ليشكلوا الاعب الاساسي في هذا الحوار, لكن خلال عام و نصف منذ اول دعوة لعقد هذا الحوار ضيقت الحكومة كل السبل و الطرق على كل المعارضين و اعتقلت منهم الكثيرين و اوصلت البلاد لحالة انقسام سياسي حاد ظهرت جلية في الانتخابات الرئاسية التي اجريت مبكرا هذا العام وقبل الانتخابات قاطعت احزاب  "7+7" اجتماعا مع البشير. ايضا استمرت الحكومة في تبني خيار عسكري غير مجدي في دارفور و جبال النوبة توجته بإنشاء قوات الدعم السريع.

و كذلك خلال فترة الاعداد و التحضير لهذا الحوار حدثت انقسامات حاد داخل جسم المؤتمر الوطني اسفرت عن ما سمي انقلابا داخليا سيطر فيه العسكريون على مفاصل الدولة بدلا عن الاسلاميين الذين فقدوا اهم شخصياتهم داخل النظام كعلي عثمان و نافع علي نافع. هذا التغيير تم قبل فترة قليلة من الانتخابات الرئاسية مما يدل على ان هذا الخلاف كان حادا داخل اروقة المؤتمر الوطني بما لم يسمح حتى بانتظار الانتخابات التى كانت نتائجها معروفة مسبقا للقاصي و الداني و من ثم تم اجراء التغيير على انه بداية عهد جديد. و بعد فوز البشير و مؤتمره الوطني في الانتخابات استبعدت دفعة جديدة من الاسلاميين من المناصب القيادية.

كل ذلك ساهم في اتساع شق الفرقة و الخلاف السياسي و الاجتماعي بدلا من تقليصه و الوصول الى طاولة الحوار بوجهات نظر متقاربة و متوافقة. ففي اغسطس الماضي اعلنت الجبهة الثورية مقاطعتها للحوار و حتى قبل ثلاث ايام من انعقاد اول جلسات الحوار كان مساعدا الرئيس إبراهيم محمود حامد وعبد الرحمن الصادق مع الصادق المهدي لاقناعه باللحق بالركب و اصدر المهدي بعدها بيانا نقتبس منه

"بهذه المناسبة فإن حزب الأمة القومى يؤكد التزامه بالحوار الوطنى الذى يحقق السلام العادل والشامل والتحول الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة، واشيد بالتواصل فى سبيل حل هذه القضايا الوطنية،وسوف يعمل حزب الأمة القومى مع كافة القوى الوطنية لدعم الحوار الجامع الذى يحقق تطلعات الشعب السودانى المشروعة" و مع ذلك قاطع المهدي او كما يعرف بالامام الحوار تماما او على الاقل الى هذه اللحظة باعتبار ان الحوار سيستمر لثلاثة اشهر.

من اهم مشاهداتي الشخصية على الجلسة الافتتاحية للحوار ان البشير اشار أنه وجه بإطلاق سراح أي موقوف سياسي لم تثبت عليه بعد التحقيق تهمة جنائية في الحق العام أو الخاص، قائلا "إلا من أرتكب جرما يحاسب عليه القانون ففي هذه الحال سيواجه القضاء ومؤسسات العدالة التي يتوجب عليها ان تعلو بسلطان القانون فوق رؤوس الجميع" و هذا اعتراف ضمني منه بوجود معتقلين سياسيين في البلاد و هو ما ظل ينكره النظام مرارا و تكرارا و ايضا الم يكن من الاولى اطلاق سراح هؤلاء المعتقلين قبل بداية الحوار كدليل حسن نية و رغبة جادة في انجاح الحوار و الوصول الى نتائج بنهاية مدته!
بالمناسبة في وقت نشر هذه التدوينة تم اعتقال حافظ ابراهيم عبد النبي رئيس حركة جبهة القوى الثورية بمطار الخرطوم بعد وصوله من القاهرة !!!!! و تقولوا لي جادين في الحوار


ايضا من المشاهدات غياب اي تمثيل من الاتحاد الافريقي الذي يعتبر لاعب اساسي في كل محاولات التفاوض او الرقابة على الاوضاع دارفور. كان الاتحاد الافريقي اقترح على الحكومة عقد مؤتمر تحضيري، في أديس أبابا بمشاركة قادة الحركات المسلحة وقوى "نداء السودان"، لكن الحكومة رفضت كليا قبول المقترح، برغم تمسك معارضيها بالخطوة، لكن معلومات متطابقة أشارت إلى أن الاستعدادات تجرى حاليا لعقد المؤتمر التحضيري وإلحاق الحركات بالحوار الداخلي. اليس هذا عبث من الحكومة و دليل عدم جدية لان الحكومة رفضت دعوة من جهة اعتبارية و اتفاق كل الاطراف المقابلة ثم تأتي بعد بدأ الحوار و تبدي بعض الليونة في انها قد تذهب في طريق المؤتمر التحضيري. لم يتغير اي حدث على الارض يجعل الحكومة تتبني موقف مغاير من هذا المؤتمر بين ليلة و ضحاها و هذا يدل على انه الخلاف اصله و بدايته داخل بين النظام و ان هناك اقطاب متصارعة في المؤتمر الوطني. و كما اشرنا هذا الشي كان ظاهر للجميع طوال فترة الاعداد للحوار, فبين اجراءات و لهجة تصعيدية ضد المعارضة الى ليونة و استعداد لتقديم تنازلات و كان هناك فريق في النظام يشعل الحرائق ثم ياتي فريق اخر ليطفئها.و اخر هذه التناقضات كان تصريح وزير الخارجية إبراهيم غندور ، ان تغيب بعض القوى والحركات المسلحة لا يشكل اي انتقاص من قيمة الحوار, و أن الحوار بمن حضر في وقت اعلن البشير او حتى كانت هذه احدى توصيات اليوم الاول ان يتم الاتصال بالجميع في الداخل و الخارج للحاق بالركب و المشاركة في الثلاث اشهر المتبقية من هذا الحوار. فهل هو بمن حضر او اننا فعليا نحتاج ان نشمل المتغيبين.

طول أمد التحضيرات لانطلاق الحوار و كذلك امتداد فترته لثلاثة اشهر أفقده مصداقيته لدى الجمهور. فلو كانت النية صادقة لذللت الحكومة كل الصعاب التي اعاقت قيام الحوار في اسرع وقت و لو كانت الاهداف محددة لتم رسم خطة واضحة بتسلسل زمني محدد لتوصل لنتائج.


و ايضا الصورة التي مرت بها انتخابات ابريل الماضي اوضحت عدم الجدية في الاصلاح فالمقاطعة التي حدثت من اغلب الاحزاب المعارضة و ترشيح شخصيات معارضة لم يكن لها اي فرصة في الوقوف في وجه مرشح يحكم منذ ربع قرن جعلت المواطنين في حالة عدم لا مبالاة بما قد تسفر عنه الانتخابات و ظهر ذلك في المقاطعة الشعبية و ضعف الاقبال على التصويت. و نفس الشي يتكرر الان في وجود شخصيات على طاولة الحوار يعدها النظام معارضة و لكنها معروفة للكل بانها شخيات مولودة من رحم النظام و معارضتها اسمية او شكلية فقط لا غير, اي ان وجودها هو مجرد اضفاء شرعية للحوار كتلك الشرعية التي بحث عنها النظام خلال النتخابات.


اخيرا قرار النظام المشاركة في التحالف سعودي القيادة ضد الحوثيين في اليمن الذي اتخذ بدون اي مشاورات برلمانية او سياسية و اتخذ القرار قبل اسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية اوضح ان المؤتمر الوطني متفرد بالقرارات لن يقبل اي شراكة او نصح من اي طرف. حرب اليمن لم يكن لها اهداف واضحة تنتهي الحرب بتحقيقها, انما كانت مجرد مسرح متاح للسعودية لعقد مواجهة مبطنة مع ايران و الان بعد ما يزيد عن ستة اشهر من هذه الحرب لم نرى لها نتائج و لا يعلم احد من اهدافها التي بتحقيقها تنهي الحرب. الؤتمر الوطني اتخذ قرار المشاركة منفردا في حرب بلا هدف لمجرد محاولة التقرب للدول الخليج بعد ان تم خسارتها بعد التقرب السابق لايران! عموما حرب اليمن و التخبط في السياسة الخارجية سنفرد لها المقال القادم و نعدكم ان يكون خلال اسبوع على الاكثر

اختتم بجزء من تحقيق للاستاذة منى عبد الفتاح اعدته للجزيرة نت

"فالمواطن العادي الآن تهمه لقمة العيش بغض النظر عمن يحكم، ووصوله إلى هذا الدرك الأسفل من اليأس من الإصلاح السياسي بسبب تكالب الحكومة والمعارضة على حد سواء على المناصب التي يحتكرها الحزب الحاكم ويوزعها في صفقات وترضية دون النظر إلى مشاكله"

الطرفين من معارضة و حكومة اصبح هدفهم مكاسب شخصية و الشعب مجرد ورقة ضغط لتحقيق هذه المكاسب. و زهد المواطن في الانتخابات الماضية لم يكن نابع من مقاطعة المعارضة انها لعلمه بعدم وجود رغبة في الاصلاح او التغيير و ان مافي النفوس يبقى في النفوس. كان يجب ان يتسم مشروع الحوار بالشمول ويسعي لإيقاع الإجماع الوطني والتوافق السياسي العام، من خلال الترفع و تجاوز الخلافات لنصل الى التغيير وبناء نظام سياسي ديمقراطي حقيقي واضعا الأسس لبناء دولة مدنية حديثة. و مازالت الفرصة قائمة لانجاحه في حالة صدق الجميع و عملوا في سبيل تحقيق ذلك و الا فان هذه الحوار سيكون مجرد وسيلة لاعادة انتاج نظام المؤتمر الوطني بنسخة اكثر قبحا و تعاليا باعتبارها ناتجة عن حوار و اجماع وطني و ان كان معيبا و كذلك اعطائه شرعية بحث عنها منذ الانتخابات الماضية و الاحراج الذي عانى منه بسبب المقاطعة الشعبية. و مما يعزز هذه النظرية ان اغلب المتحاورون الان هم من الاسلاميين و كأن الهدف اصبح جمع شتات الاسلاميين تحت مظلة المؤتمر الوطني. و كذلك انعقاد الحورا بهذا الشكل سيزيد من ابتعاد المعارضة عن الشارع و عن المواطن و عن العمل مع الحكومة لاحداث اي تغيير



و دمتم سالمين

Saturday, September 12, 2015

هل المسئولون السودانيون فوق القانون - تقرير مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة

اصدر مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تقريراً عن الإفلات الواسع من العقاب في دارفور ، أمس الجمعة 21 أغسطس
وأعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين التقرير من جنيف.
وطبقاً للتقرير الجديد فإن اعتداءات وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وقعت في دارفور عام 2014م، بما في ذلك القتل والعنف الجنسي، دون أن يطالها التحقيق والعقاب.
واعتمد التقرير على معلومات وفرتها البعثة المشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة في دارفور UNAMID.
وأورد انه من عدد الحالات الـ (411) لاعتداءات وانتهاكات الحق في السلامة الجسدية – مجرد نماذج توضح الانتشار الواسع للعنف في الاقليم، كما يقول التقرير – فإن عددا ضئيلا قد تم التحقيق فيه ومن ثم القبض على المتهمين. وفى 127 من هذه الحالات تم استخدام العنف الجنسي .
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين (التقرير يرسم صورة قاتمة عن الفشل المنظم والرفض الصريح للسلطات السودانية في أن تتعامل بجدية مع انتهاكات حقوق الإنسان. وان أغلب الضحايا لم تتحقق لهم العدالة أو أية معالجات للجرائم التي يعانون منها).
وأضاف (إن الطريقة غير العابئة التي ترفض بها الشرطة المحلية استفسارات موظفي حقوق الانسان بالأمم المتحدة تشير إلى مدى شعور مسؤولي الدولة بأنهم فوق القانون. يجب على السلطات أن تنهي الانتشار الواسع للإفلات من العقاب في دارفور).
ويفصّل التقرير الحوادث التي تتهم فيها قوات الأمن والشرطة السودانية بالاشتراك في الهجمات ضد المدنيين، بما يشمل القتل وإطلاق الرصاص ، الاختطاف، النهب، والابتزاز. ولا يتم الابلاغ عن هذه الحوادث خوفاً من الانتقام ولفقدان الثقة في السلطات.
وفي بعض الأحيان، تمت إعاقة موظفي حقوق الانسان بالأمم المتحدة من الوصول إلى مناطق الانتهاكات لرفض السلطات الحكومية والمجموعات المسلحة المعارضة السماح لها بالوصول إلى تلك المناطق حيث الاتهامات بوقوع اعتداءات خطيرة. وكانت هذه هى الحالة في بلدة تابت في شمال دارفور، حيث اشارت مصادر إعلامية لوقوع اغتصاب جماعي في 31 أكتوبر 2014م. وبعد الرفض الأولي للحكومة بالسماح لليوناميد بزيارة تابت، سمحت لها أخيراً بالزيارة في 9 نوفمبر ولكن نسبةً لوجود القوات المسلحة السودانية فقد احجم السكان عن التكلم بحرية. وتم رفض طلبات أخرى لزيارة المنطقة.
ووثق التقرير أيضاً لانتهاكات القانون الإنساني الدولي ، بما فى ذلك القصف الجوي لمناطق المدنيين مما أدي إلى القتل والإصابات، حرق القرى، وتحطيم الممتلكات المدنية ووسائل كسب العيش. وفي هذه الحالات فإن الحكومة السودانية فشلت أيضاً في تأسيس آليات قانونية وقضائية تقبض على الجناة وتخضعهم للمحاسبة.
ويؤكد التقرير ان المبادرات التي قدمتها حكومة السودان لمعالجة الوضع أثبتت عدم فاعليتها مما يعكس غياب الإرادة لمعالجة الإفلات من العقاب.
وقال المفوض السامي زيد(ان اليوناميد ومنذ تأسيسها في عام 2007م عملت مع حكومة السودان، بما يشمل القضاء والشرطة، لتحقيق العدالة ومحاسبة الجناة. والأمم المتحدة تقف مستعدة لدعم الحكومة للتأكد من خضوع الجناة للمحاسبة وحق الضحايا في التعويض، ولكن هذا يرتبط في نهاية الأمر بالإرادة السياسية).
وأضاف (أنا أحث حكومة السودان ومجموعات المعارضة المسلحة أن يأخذوا الوقائع التي كشف عنها هذا التقرير بأتم الجدية وأن يجعلوا محاربة الإفلات من العقاب أولوية من خلال التحقيقات والمحاكمات المستقلة والشاملة والفعالة وبما يتفق مع المعايير الدولية).
وشدّد زيد أيضاً على أهمية الآليات الدولية للعدالة، التي تكمل وتساعد على تعزيز وتقوية الآليات المحلية .
وأضاف (أنا أحث الحكومة والحركات المعارضة معاً ، على التعاون في تحقيق ومحاكمة اعتداءات وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني، بما في ذلك التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية).

Sunday, June 7, 2015

جمهورية جهاز الامن الوطني و المخابرات






يوما بعد اخر يثبت جهاز الامن الوطني و المخابرات السوداني انه الآمر الناهي في حرية و خيارات السودانيين و هو المتحكم في ما يجب ان يتعلموه, يقرأوه, يشاهدوه, يناقشوه, و حتى فيما يجب ان يعتقدوه في يفكروا فيه.

التضييق على الانشطة السياسية في كل انحاء السودان, هو شئ معلوم بمكان, فكم من ندوة او اجتماع او مخاطبة سياسية لم يوافق منسوبي الجهاز على اقامتها و كم من حدث تمت الموافقة على اقامته و لكن تم اجتياح افراد الامن لمكان اقامته و ايقافه في اخر لحظة. لكن نحن نعلم اننا امام نظام شمولي قمعي لا يريد اي شريك له في السياسة و ان ادعى غير ذلك, لكن سطوة الاجهزة الامنية تجاوزت الانشطة و الاحداث السياسية الى اي حدث اجتماعي رياضي ثقافي فني و قربنا نصل لمرحلة لو حتعزم جماعة على الغداء يوم الجمعة فلازم تجيب تصريح امني.



النظام الحاكم في السوداني اثبت علو كعبه مقارنة بالانظمة الديكتاتورية و القمعية المحيطة بنا و ذلك بتبنيه لسقف حريات وهمي يستطيع من خلاله ايهام العالم و حتى عامة الناس انه نظام مرن و يتحمل النقد و يتقبل الاختلاف. كمثال على ذلك الصورة في الاعلى من خبر صحفي نشر بتاريخ 4\6\2014 اي قبل عام من الان حول تورط 36 وزير بين اتحادي و ولائي في ادخال شحنات نفايات اليكترونية للبلاد !!! خبر صادم و لو كنت غير سوداني لكان نعليقك ان السودان بلد ينعم بالحريات بحيث يمكن للصحافة كشف فساد المسئولين. لكن الحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك !! اولا و هي الوسيلة الاعلامية الوحيدة في السودان لان الاعلام المرئي و المسموع اما حكومي او مملوك لرجال اعمال يسبحون بحمد النظام فلا نتوقع ان نشاهد شئ ذو قيمة على هذه القنوات. عندما يقوم الصحفيين بعملهم عن طريق كشف ملابسات و احداث, نشر تحقيقات, تسليط الضوء على احداث, او حتى كتابة مقالات رأي فان الرقيب الامني قد يمررها ليستفيد منها في ايهام الناس بذلك السقف الوهي الذي ذكرنا. فمثلا الخبر المشار اليه عن النفايات الاليكترونية قد لا يشغل كثير من المواطنين و قد لا يستشعروا خطورته, و يكون قمة ما يرونه في هذا الخبر انه فساد حكومي قد اعتادوا عليه. و نلاحظ ان الخبر في اسفل الصفحة و فوقه خبر و صورة للرئيس و الحزب الحاكم. معاذ الله ان نظن ان هذه الاخبار قد تقود الى محاسبة احد او معاقبته, فالحساب لرب العباد و لكن نقارن هذا الخبر بخبر قضية فساد عبد الرحمن الخضر و رئاسة ولاية الخرطوم. فعندما نشرت الصحف عن تلك الحادثة قام النائب العام بحظر النشر في القضية للمحافظة على سير التحقيات و قبل ذلك كم مصادرة عديد الصحف التي كانت تنشر في القضية. الان عزيزي القارئ لك ان تتخيل كيف تتم فلترة الاخبار الصحفية. فلو كانت الخبر مما قد يزعج الناس كالحديث عن اختلاسات بالمليارات في ولاية و تورط الوالي فيها يتم مصادرة الصحفة و احتلال مطابعها ثم استخدام النائب العام الذي هو لا شئ بل اداء عن الاجهزة الامنية التي تعتقل و تعذب و تتحرش بالمواطنين و النائب العام لا حياة لمن تنادي امام استباحة القانون الذي هو يمثله و يحميه. في الجانب الاخر الاخبار التى قد لا تجد صدى كبير و لا يوجد فيها اتهامات لشخيصات مؤثرة متواجدة في الساحة فانها يسمح لها بالمرور لصفحات الجرائد لكي يقال انظروا نحن نسمح بانتقاد رجال الدولة و كشف قضايا الفساد و ما واوات الاستاذ الفاتح جبرة ببعيد. قضية خط طيران قد لا تشغل المواطن العادي يسلط الاستاذ الضوء عليها منذ اكثر من 3 سنوات و بلا نتيجة لان النيجة و الغرض هو عندما يتم مسائلة الاجهزة الامنية عن قمعها لحرية الصحافة و التعبير فتقوم بضرب مثل باخبار مثل تلك الواوات.


طبعا جهاز الامن يكذب و يتحرى الكذب بقوله ان مصادرة الصحف و ايقاف طباعتها يتم بسبب تجاوزات معينة. طيب لو آمنا وصدقنا كلامهم رغم اننا ضد تدخل الاجهزة الامنية في حرية الصحافة و ضد الإملاءات لما ينشر و ما لا ينشر و ضد استخدام التهم الفضفاضة التي لا معنى لها من شالكة تقويض السلم الاجتماعي و تهديد الامن الوطني و زعزعة الاستقرار و غيرها من التهم المطاطية التي لا اصل قانوني لها. لكن لنفرض ان هذه تهم حقيقة و خلينا نمشيها انها تهم تستوجب المحاسبة. طيب اذا كان في صحفي كتب عمود او خبر ثم وافقت الجريدة على نشره و لكن عتاتة الامن رأوا انه يهدد الماعارف ايه و يسبب الفوضى و اممنا القومي في خطر فلماذا تكتفي الاجهزة الامنية باجتياح المطابع و وقف نشر الصحف و توزيعها ؟ لماذا لا توجه تهم للصحفيين المسئولين عن هذه الاخبار و رؤساء التحرير الذي مرروها ؟ لماذا لا نسمع عن بلاغات استكملت مسارها القانوني و وصلت للمحاكم ؟ مرة اخرى نحن ضد تلك التهم و ضد ذلك المسار و لكن لماذا يكتفي جهاز الامن بالمصادرة و المنع اذا كانت المسببات جسيمة من نوعية اسقرار البلاد و امنها الوطني ؟ فبالتالي الموضوع هو مجرد تسلط و تجبر من هذا الجهاز القمعي اللاوطني الذي لا علاقة له بمصلحة المواطن و لكن بمصلحة اولياء نعمته في المؤتمر الوطني.



لنختم المقال بواقعتين حدثتا مؤخرا عن قمع الحريات:  نتذكر منع 10 صحف يومية من الصدور و مصادرتها من المطابع كما في الصورة اعلاه الذي حدث في نهايات شهر مايو الماضي. طيب الاغتصاب و التحرش ظواهر تزيد يوما بعد يوم و اشرنا لها في مقال سابق يمكن مطالعته هنا. و مجتمعنا يحاول انكار هذه المشكلة من باب الشينة منكورة و اننا مجتمع الفضيلة و لكن بمجرد السير في الشارع لمدة بسيطة تستطيع ان تستشعر الظاهرة و انتشارها و لكن هذا ليس موضوعنا. الموضوع انه تم نشر خبر عن المنتدى الدوري لجمعية حماية المستهلك، والذي قضية رياض الأطفال، وبعض الملاحظات حولها، الأمر الذي دعا جهاز الأمن لمصادرة ال 10 صحف بعد الطباعة واعتقال الدكتور ياسر ميرغني رئيس جمعية حماية المستهلك والصحفية نسرين صاحبة التحقيق الصحفي حول القضية. الاعتقال و ايقاف النشر تم بدون سند قانوني و بدون اي رأي للسيد المبجل حامي حمى القانون المسمى زورا و بهتانا بالنائب العام. اليوم 6\6\2015 تم اطلاق سراح الدكتور ياسر من معتقل جهاز الامن !!!! طيب اذا كان الدكتور ياسر قد ارتكب شي شنيع استوجب اعتقاله فورا و مصادرة كل الصحف التي اشارت لهذا الشئ الذي ارتكبه الدكتور ياسر هل يعقل ان يتم اطلاق سراحة بعد اسبوعين بدون توجيه تهمة !!! 10 صحف صودرت و اوقفت و لا يتم توجيه تهمة !!! الا ترى الان عزيزي القارئ ان الدكتور لم يرتكب اي شي يحاسب عليه الا انه انقد او سلط الضوء على ظاهرة اقلقت مضاجع المسؤلين رضي الله عنهم. هذا دليل واضح ان ان النظام يتسخدم السوط الامني لجلد كل من يحاول ان يخرج ان مسار الفكر الذي تم رسمه لهم



الحادثة الاخرى لنختم بها هي التصديق لطلاب الحزب الليبرالي الديموقراطي بجامعة النيلين باقامة يوم بنشاط كلية القانون. حصل الطلاب على التصريح اعلاه بعد جولات من الاخذ و العطاء مع ان الحزب رسمي و مسجل و النشاط الطلابي مكفول. انا انشر هذه الحادثة لا لعلاقة لي بالحزب من قريب او بعيد و لكن لكنا امام منعطف خطير و هو ان النشاط الطلابي صار مكفول بموافقة الرقيب الامني و هو دليل على تغلغل هذا الجهاز اللعين الى كل مفاصل حياة السودانيين.
         


ازاح الله عنا و عنكم البلاء و دمتم سالمين

Wednesday, May 27, 2015

انتخابات الحزم





انتهت الانتخابات السودانية للعام 2015 كما كان متوقع و ظاهر للكل بفوز البشير بولاية اخرى و استمراره على الكرسي لخمس سنوات اضافية
انتخابات كانت هزيلة قبل ان تبدأ و لم تجذب اي اهتمام محلى اقليمي او دولي لان نتيجتها كانت معروفة مسبقا. لكن بحسب الاحداث الجارية و الظروف المحيطة كان يجب ان تكون هذه الانتخابات تنافسية و مفصلية. فبعد عام من انتخابات 2010 و كل ما صاحبها من متغيرات بانسحاب مرشحي الحركة الشعبية ثم عدم قدرة احزاب المعارضة على اتخاذ موقف سريع و واضح من المشاركة ثم الاستفتاء و الانفصال بعد عام من تلك الانتخابات كل ذلك غير شكل و خارطة الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و حتى الجغرافية في السودان فكانت انتخابات هذا العام فرصة مواتية للتنافس على تقديم برامج لقيادة السودان في تحت هذه الظروف الجديدة سواء من الحزب الحاكم او احزاب المعارضة. و على العكس فاحزاب المعارضة اعلنت انسحابها من وقت مبكر و بالتالي لم يعبأ المؤتمر الوطني بطرح اي برامج لانه تواجد وحيدا في الساحة و لم يخرج برنامجهم عن الكلام المعتاد من استدامة التنمية و القوي الامين و ما شابه.
كل ذلك جعل المواطن في حالة عدم مبلاة لانه لم يكن هناك امل في اي تغير . و ترشح امام البشير مجموعة من المرشحين المستقلين او من احزاب لم يسمع بها لا القريب او البعيد من قبل. و الكل يعلم ان المرشح المستقل يجب ان يكون شخصية اجتماعية معروفة بحيث يستطيع ايصال صوته للناس او ان يكون المرشح مدعوم من حزب له وضعه في الارض و يتولى الحزب تقديم ذلك المرشح للناس. و لا هذا و لا ذاك توفر في مرشحين هذا العام.
كل ما اراده نظام المؤتمر الوطني هو شرعية يصدرها للعالم و بالتالي كان همه الوحيد نسبة المشاركة في الانتخابات فهو فائز فائز لا محالة و لكن من 13 مليون ناخب مسجل كان النظام يملي النفس بنسبة مشاركة عالية ربما تزيد عن 80 % و بالتالي يصدر نفس الشعار انه نظام شرعي منتخب. لكن الشعب قاطع الانتخابات بشكل استفز الحزب و جعلهم يبحثون عن مخرج بالكذب و الاشاعات و بالارقام الوهمية و بالتزوير و بمد فترة التصويت و لكن بلا نتيجة و لا فائدة.
طبعا نسبة 94+% التي حصل عليها البشير انا شخصيا اشك انها اقل مما حصل عليه لكن لم يكن هناك اي منافس و بالطبع لم يرد النظام اعلان نتائج دكتاتوريات العرب ب 99.99 % و لكن لا اتصور ان هنا 6% تقريبا من العدد البسيط الذي صوت قد اعطى اصواته لغير البشير.
عموما نعود لتحليلنا للاوضاع الحاصلة و نتركنا من الاماني. فالامنية هو رحيل هذا النظام المستبد و لكن الحقيقة ان ان ذلك صعب في الوقت الراهن في غياب اي فعاليات مقاومة حقيقة و تنظيم للقوى في الارض. لكن التغيير سيأتي لان المؤتمر الوطني مستمر في ضلاله و بدل ان يستفيد من الاحداث الجارية في تطبيق اي اصلاح حتى و لو كان شكلي ليستميل به اكثرية في الشارع لا تميل لا للنظام و لا للمعارضة انما اغلبية تمنى النفس ان تعيش في اشتقرار و امان و ظروف افضل. فكان يمكن للمؤتمر الوطني ان يحاول ان يسوق لاي اصلاحات و تغييرات يشعر منها العامة ان النظام يريد الخير لهم و لكن استشعر المؤتمر الوطني بالقوة لوجوده وحيدا في الساحة و استعدى المعارضة اكثر و ابتعد عن الشعب و لم يقدم له اي عون او اصلاح و بالتالي مازال النظام يحفر في قبره بنفسه بدل من يحاول ان يتقرب للشعب. على النقيض يحاول النظام الان ان يستمد شرعيته و يقوي اركانه بالتحالفات الاقليمية عسى ان يجد الدعم من جيرانه و من دول الخليج خاصة. فهاهو الرئيس حتى قبل تنصيبه يقوم بالرحلات المطوكية كل بضع اسابيع بين دول الخليج و ها هو يجر البلاد في حرب خارجية بدون استشارة البرلمان الذي يسميه النظام منتخب و قبل ايايم من الانتخابات الرئاسة فهل يعقل ذلك !!!
كان على النظام ان ينتظر الانتخابات ليقدم على الدخول في حرب خارجية هي اساسا ليست معركته و لكنه دخل فيها بقرار اتخذ في دقائق على ما يبدو و ثم خرج النظام بيرر لذلك القرار بحماية المقدسات و الحرمين ليقنع بها العامة من الناس لغيرتهم على دينهم و لكن حقيقة الحرب انها لا علاقة لها بحرمين و لا اي مقدسان بل هو صراع اقليمي بين قوى لا تسطيع ان تتواجه فعليا الا عن طريقة استخدام اذرعها و ايجاد مبررات واهية و البحث عن ارض للمعركة لا بواكي عليها كاليمن. و الان الكل يسأل عن اهداف تلك الحرب و عن النتائج التي حققت منها و عن استفادة السودان من الدخول فيها. قرار متخبط يوضح كيف تدار سياستنا الخارجية فالطرف الاخر في الصراع في هذه الحرب كان حليفنا حتى وقت قريب و كنا نجري المناورات العسكرية معه في البحر الاحمر لارهاب الطرف الاخر في الخليج و الان انقلبنا عليهم !!! طبعا بالنسبة لدول الخليج نحن لا نشكل اي وزن و لكن مجرد زيادة الحشد في الحرب يعطيها مزيد من الشرعية و التبرير لزائفين بالضبط كبحث المؤتمر الوطني عن عدد اكبر من الناخبين في النتخابات الماضية.


و دمتم سالمين

AddThis