Wednesday, May 21, 2014

Freedom of Information Act - حرية تداول المعلومات





في الأسابيع الأخيرة تم كشف النقاب عن عدة قضايا فساد مالي في قطاعات مختلفة من الدولة
كقضية التزير و الاختلاس و استغلال النفوذ من قبل والي الخرطوم و طاقم مكتبه و تكسب مساعد وزير العدل من صلاحيات منصبه السابق كمدير لمصلحة الاراضي و ما قضايا شركة الأقطان و سودانير ببعيد , اضافة لأتهام مدير جهاز الامن و المخابرات السابق للجهاز بتبديد الاموال بعد ان شيد الجهاز مباني بقيمة 2,5 مليار دولار و هو ضعف عجز الموازنة العامة للدولة "و الرقم على عهدة قوش طبعا"

و لطالما ارتبط الفساد في عقليتنا بالفساد المالي على وجه الخصوص ربما لتضرر المواطن المباشر بسبب هذا النوع من الفساد, لكن للفساد وجوه كثيرة تتفق كلها في القبح و في جعل حياة المواطن تعيسة و بائسة.
و لها السبب بعد الخوض في غمار المحتوى الرئيسي لهذا المقال سنحاول تطبيقه على قضية فساد سياسي و قضائي شهيرة.


كبداية لنٌعرف و نٌوضح ما هو قانون حرية الوصول للمعلومات و ماذا سيستفيد المواطن من وجود هكذا قانون

قانون حرية الوصول للمعلومات يعطي الحق للمواطنين في الوصول إلى المعلومات و السجلات التابعة لأي مؤسسة حكومية, لكن هذا الحق في الوصول لهذه المعلومات يكون منظما و تحت اشراف جهات و لجان مستقلة عن الدولة هي المسئولة عن تمكين المواطن من الوصول للمعلومات التي يريدها 

تم اقتراح تشريع هذا القانون لأول مرة في عام 1982 بواسطة عدة دول اروبية بالاضافة لكندا و الولايات المتحدة, لكن كندا كانت الرائدة في تطبيق هذا القانون مباشرة في العام 1983
يمكن الاطلاع على نص القانون الكندي هنا

كما تنص المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية على أن حرية الحصول على المعلومات تعد حقا من حقوق الانسان و تسميها "اوكسجين الديموقراطية"

للإستزادة في الموضوع اقرأ هنا بالعربية او هنا بالأنجليزية

لا نريد الخوض في تاريخ القانون كثيرا و دعنا نرى كيف يعمل هذا القانون و كيف يمكن ان يستفيد منه المواطن

بالنسبة لأي مواطن فان الحكومة تقوم بتسييرأعمال الدولة بشكل سري غامض و من رواء جُدر و لا يرى المواطن إلا القرار او المنتج النهائي الذي تريد الحكومة ان تطلعه عليه. لكن ماذا يحدث فعليا خلف هذه الجدران و كيف يتم طبخ هذه القرارات و الاجراءات فلا احد يعلم كيف يتم ذلك و لكن من الواضح ان المكونات المستخدمة في الطبخ منتهية الصلاحية بدليل قضايا الفساد التي يتم كشفها كل فترة و هي غيض من فيض مما يحدث فعليا وراء ذلك الجدار طالما كانت السرية هي غطاء لاي عمل او تحرك حكومي.



بوجود قانون حرية الوصول للمعلومات سيعرف اي موظف حكومي من كبار المسئولين الى صغار العاملين ان هناك حوالي 30 مليون شخص (عدد مواطني السودان تقريبا) موجود ليراقب عملهم و يقيم ادائهم.
يستطيع المواطن بوجود هذا القانون التوجه للجان المستقلة المسئولة عن تطبيق القانون ليستفسر عن اي معلومة حكومة كاجراءات عطاء انشاء طريق معين او مكافاءات و حوافز مدير شركة حكومية, نتائج لجنة المعاينات و التوظيف في وزارة ما و اكثر من ذلك كثير لكن له تحت الاجراءات التنظيمية التي تقرها و تحددها اللجنة المستقلة و غير الحكومية المسئولة عن ذلك. كما ان محاولة اخفاء او تزوير اي معلومة اقرت هذه الجان وجوب تمكين المواطن منها يعد جريمة جنائية.

اول ما قد يتبادر لذهن المواطن سيكون بعض العبارات المطاطة و الفضفاضة التي تستخدمها الانظمة الفاسدة و القمعية لتغطية عوراتها مثل الامن القومي و السلم الاجتماعي و الاستقرار الوطني و غيرها. تصنيف المعلومات حسب سريتها و خطورة نشرها و اطلاع الجمهور عليها هو ايضا مسئولية ذات اللجنان و الهيئات المستقلة المنظة لوصول المواطن للمعلومة

لكن لكي لا تستخدم الحكومة هذه العبارات الفضفاضة لاعاقة وصول المواطن لمعلومة محددة دعنا نضرب مثلا صغيرة بمشروع لم تحم حوله شبهات فسادة كبيرة و تم تنفيذه في زمنه المحدد , كمشروع انشاء كبري المك نمر بالعاصمة. دعنا نتسال قليلا ماذا سيضر الامن القومي لو عرف المواطنون ان الحكومة رصدت ميزانية مقدارها س لهذا المشروع ؟ و ما هو التهديد على استقرار الوطن الذي سيشكله معرفة المواطنين لعدد شركات المقاولات التي تقدمت بعروض لتنفيذ المشروع و سبب فوز الشركة ص بالعطاء في نهاية الامر ؟ و هل شعور المواطن بالأمان سيتزعزع لمجرد متابعتهم لاتزام الشركة المنفذة بتسليم المشروع في وفق جدوله الزمني المحدد و بالجودة المتفق عليها في العقد الموقع مع الحكومة ؟

نحن هنا لا نتحدث عن صفقات اسلحة مع العلم ان صفقات هذه في بعض الدول تتم تحت اعين المواطنين و برلماناتهم. و لا نتحدث عن محاضر اجتماعات قيادات القوات المسلحة و لكن نتحدث عن مراقبة سير دولاب عمل الدولة و اسلوبها في ادارة موارد الوطن و المواطن.

اليس من حقك كمواطن ان تعرف كم مسئول حكومي بتقاضي راتبا مختلفا عن سلم و هيكل رواتب مسئولي الدولة مثل ذلك الراتب الملياري الذي كان يتقاضاه مدير سوق الخرطوم للأوراق المالية

اليس من حقك ان تعرف اذا كانت عطاءات المشاريع الإنشائية تعطي لمن يستحقها بالشكل الذي يضمن تقديم جودة عالية للمواطن بسعر يحفظ موارده و امواله ام ان العلاقات و العمولات هي التي تحدد من يرسى عليه العطاء

اليس من حقك ان تحمي حياة اخوانك المواطنين و تقليل عدد الحوادث المتكررة على الطرق السفرية باطلاعك على مشاريع و تقارير صيانة الطرق و الجسور و كذلك كيفة تعامل الحكومة مع شركات النقل و المركبات المسافرة في مسألة اتباع قوانين السلامة المرورية

اليس من حقك ان تتبنى الحكومة مشروع هكذا قانون اذا كان لديها اي جدية في حديثها عن محاربة الفساد و الشفافية المطلقة في ادارة شئون الدولة

الم يصرح برلمانيون و مسئولون ان نسب الفساد في السودان ضئيلة لا تكاد ترى بالعين المجردة !!! اذا لماذا الخوف من سن هكذا قانون اذا كانت محاربة الفساد هي سياسة دولة

بتطبيق مثل هذا القانون في اوغندا الجارة قام مواطن بكشف عن فساد ادى الى اهدار 80% من ميزانية كانت مخصصة لانشاء و اعادة تأهيل 8500 مدرسة

في المكسيك كشف محاسب في مصلحة حكومية عن اهدار و اختلاس تراكمي لمبلغ 30 مليون دولار في الجهة التي يعمل بها

و في الهند و بواسطة هذا القانون اكتشفت اسرة بسيطة عن عملية سرقة و تلاعب في توزيع وجبات مجانية للاسر المحتاجة و الفقيرة

الثلاث دول اعلاه ليست من دول العالم الاول و فيها من الفساد ما فيها, و لكن جدية حكوماتها في محاربة الفساد جعلتها تطبق و تقر هذا القانون لتجد عونا و مساعدة من المواطنين في عملية محاربة الفساد

في فبراير الماضي اتجهت الحكومة اللبنانية لمنح الصحفيين و العاملين في المجال الأعلامي الحق في الوصول للمعلومات الحكومية.

و في فلسطين و خلال مايو الحالي تقدم مدير هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة بمشروع قرار حرية الوصول للمعلومة للحكومة في الضفة الغربية. يحدث هذا في بلد ما زال يقبع تحت وطئة الاحتلال و يقاتل من اجل الحصول باعتراف دولي لكيانه و دولته  

في عام 1990 كان لدى 13 دولة فقط قوانين تنص على ذلك الحق المجتمعي في الوصول الى المعلومة واليوم هناك أكثر من 95 بلداً (يزيد سكانها عن 5 مليارات شخص) لديها قوانين تعطي حقاً عاماً في الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة. كما تبنت الهيئات الدولية كذلك مثل البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية سياسات تنص على الكشف عن المعلومات.

كانت و مازالت القرارات المصيرية تتم داخل الغرف المغلقة، وما زالت سياسات إقصاء وتضليل الوعي العام أحد أبرز أدوات النظام المستبد و هذا الامرلم يعد مقبولا أو مسموحا به في إطار بناء دولة القانون والمؤسسات، و ليتم ذلك لابد من ضمان وحماية حرية الوصول للمعلومات لأهمية هذا القانون على أكثر من مستوى، فهو من ناحية مهم في حد ذاته حيث أنه يوفر بيئة تمكينية عامة لجميع الحقوق الأخرى من خلال تعزيز مبدأ الإتاحة، فإتاحة المعلومات ضمانة أساسية لتمكين المواطن والمجتمع من مراقبة أوضاع الحقوق الأخرى وأهم إشكاليات تأديتها على الوجه الأكمل ومن ثم محاسبة ومسائلة السياسات و واضعيها و القائمين عليها في حال تأثيرها سلبا على تلك الحقوق، ومن ناحية ثانية فإن تعزيز مبدأ حرية تداول المعلومات أحد أهم مبادئ ومعايير خلق مجتمع منفتح وديمقراطي يتمتع فيه المواطن بكافة أنواع المشاركة السياسية والمدنية والتي لا تقتصر وفقط على حق الانتخاب وإنما حق النقد والتفنيد للسياسات بشكل مستمر والتعبير عن رأيه فيها

الحكومات التي تعمل في ظل السرية في الأغلب هي غير كفء لإدارة وتحمل مسئوليتها في حماية الحقوق والحريات لمواطنيها، لأن حرية تدفق المعلومات وسهولة الوصول إليها هي الركيزة الأساسية لتحديد المشاكل والمخاطر وطرح الحلول المناسبة

البلد هي ملك للمواطنين و ليست تركة خاصة لعشرات الاشخاص في الحكومة ليستنفعوا و يقضوا وطرهم منها

فمن حقك ايه المواطن معرفة كيف تدار بلدك بالنيابة عنك و كيف يتم تمكينك من خيرات ارضك و موارده و كيف تعمل الحكومة في سبيل راحتك و كرامتك و انسانيتك

اختم التدوينة بمطالبة لتطبيق هذا القانون تحديدا او مبدأ الشفافية عموما على قضية فساد سياسي و قضائي استمرت لعدة اعوام الا هو هي قضية د. الحاج ادم يوسف الذي تقلد مناصب حكومية عدة اخرها نائب لرئيس الجمهورية و كان سابقا واليا على جنوب دارفور و الشمالية و وزيرا للزراعة و حاليا هو أمين القطاع السياسي و عضو المكتب القيادي او التنفيذي لحزب المؤتمر الوطني بالاضافة لعمله في هيئة تدريس قسم الهندسة الزراعية بجامعة الخرطوم.

لكي لا اطيل الدكتور آدم كان شغل مناصب دستورية عدة حتى عام 1999 عندما حصل المفاصلة الشهيرة فسلك الحاج ادم (مع حفظ لقب دكتور) سلك الحاج مسلك الترابي و سار في ركبه و معيته. في العام 2004 تم اتهام حزب المؤتمر الشعبي بالقيام بمحاولة انقلابية و ادخال و تخزين كمية كبيرة من السلاح داخل العاصمة , و لمن يتذكر كانت هناك حملات تفتيش داخل المنازل في بعض الاحياء على الاسلحة.

تم القبض على الترابي و اغلاق مقار حزبه  و هرب الحاج ادم و قيل انه سافر الى المانيا. ما يهمنا و تشاهدونه في الصورة المرفقة اخر التدوينة انه في النصف الاخير من عام 2004 قام وكيل النائب العام بتوجيه بلاغات للحاج ادم تحت 11 مادة من ثلاث قوانين مختلفة و اعلن عنها في وسائل الاعلام الرسمية و طالب المتهم بتسليم نفسه.

بلاغات تودي الى نفي صاحبها الى ما وراء الشمس لكن و بعد 6 سنوات وجدنا الحاج ادم داخل القصر الجمهوري نائبا لرئيس الجمهورية !!! كيف يتحول من هدد امني و استقراري كمواطن و قوض النظام الدستوري و عمل على ضرب وحدة المجتمع و زعزع امنه القومي (بحسب البلاغات المقدمة ضده و بحسب تصريحات عبد الرحيم محمد حسين وزير الداخلية في وقتها) كيف يمكن ان يتحول هكذا شخص بين عشية و ضحاها الى قائد يحكمني و يدير شئوني و شئون بلدي !

السؤال هنا للنائب العام و نيابة الجرائم الموجة ضد الدولة و الى المحكمة المختصة في نظر هذا الجرائم
هل تمت محاكمة الحاج ادم و ظهرت برائته !!! و اذا كان ذلك فلماذا حصل هذا في السر و ليس العلن
اام هل تم ادانة الحاج ادم و محاكمته و من ثم بعد ان ادى محكوميتة كان ذلك الحكم لا يؤثرعلى تقلده منصب دستوريا
(اعتبرني عندي قنبور و ان ال11 بلاغ الفوق ديل محكميتهم كانت خلال 6 سنوات فقط او اقل)

هذه القضية اراها من اكبر قضايا الفساد لانها توضح التزاوج الغير شرعي بين السلطة الحاكمة و السلطة القضائية التي يجب ان تكون سلطة مستقلة يلجأ لها المواطن لتنصفه و تقيم العدل في بلده و لكنها الان تفسد و تشرع للحكام ما يشاء ليستبد و يتجبر و يتفرعن بلا رقيب او حسيب


فلنطالب بحقنا و حريتنا في الوصول و الحصول على معلومات الاجهزة التنفيذية  

و دمتم سالمين


No comments:

Post a Comment

AddThis