Wednesday, September 3, 2014

التضحيات تجلب المعجزات




لا كثير يمكن ان يقال و نحن على اعتاب العام منذ ان فارق الحياة شهداء سبتمبر الماضي
و ما بين ذلك السبتمبر و هذا السبتمبر عاني الوطن ما عاني و فاضت عديد الارواح بالرصاص و البراميل البارود و بسبب العيش في العراء او عدم توفر اللقمة او العلاج
مر العام و قد قضاه عشرات الشباب بين السجون و المحاكم بعد ان سعوا للتغيير و ان يشاهدوا الغد المشرق الذي من منا لا يتمناه
انقضى العام و قد لم يدان من رفع سلاحه او اطلق رصاصه على اجساد من كان ذنبهم انهم ينشدون نعيم الحياة فكلفهم ذلك كل الحياة

ما بين ذاك العام و هذا الحالي غرق العشرات هاجر الالاف تشرد العديد. ضاق العيش و زاد الكرب و صارت الهموم هي فقط ما يملأ راس المواطن الملكوم

ليست هذه التدوينة عن الوضع السياسي او الاجتماعي او نقضه و لكنها رد على بعض السلبيين و المرجفين في المدينة ممن لا يفتأون يذكروننا بعدم جدوى البحث عن التغيير و عن ان عدم حكمة و رجاحة عقل من يضيع وقته متعقبا ذلك الغيير المستحيل
تجاوز هؤلاء كل حدود الاحترام و كل قواعد الانصاف عندما ادعوا ان ارواح شهداء فاضت هباء مهدورا

الرد هو اسطر بسيطة من مقال المهندس المصري يحيى حسين عبد الهادي عضو في حركة كفاية التي كانت جسدا صغيرا تتلاطمه امواج قمع النظام في وقتها و لكن اعضائها امنؤا بالمبدأ و سعوا و رائه و لاحقوه حتى حصل التغيير في يناير 2011
و مهما يكون رأيك في الاحداث المصرية فلا احد يستطيع ان ينكر ان التغيير الذي حدث في 2011 كان عظيما

اختصارا فالمهندس حسن يحيى قد كتب بحرقة ردا عن المرجفون و المتطاولون على حركة كفاية و على الجهد الذي بذله اعضائها في وقت كان ذلك يعتبر انتحارا, كتب التالي
كان لاعضاء حركة كفاية قبل ذلك مستقراً فى حياته، وبعضُهم أعلام فى مجالاتهم.. وعندما طَفَح الكيل وظهر الفساد فى البر والبحر والجو وبدا واضحاً أن رأس النظام مُصّر على الاستمرار فى حُكمه المزوّر حتى آخر نَفَس فى صدره ثم يُورّثه لابنه محدود الكفاءة والموهبة.. كان يمكنهم أن يكتفوا بمقاومة هذه الإهانة وهذا الفساد والاستبداد بقلوبهم وهو أضعف الإيمان.. لكنهم أَبَواْ أن يكتفوا بمصمصة الشفاه.. فخلَعوا أرديتهم وانتماءاتهم السياسية ولم يتدثروا إلا برداء الوطن.. وشكّلوا هذه الحركة النبيلة.. وفاجأوا مصر والعالم بهتافهم المدوّى.. لا للتمديد.. لا للتوريث.. وظلوا سنوات يقفون بأعدادهم القليلة على سلّم نقابة الصحفيين، كفرض كفاية عن ملايين المصريين.. كانوا ينوبون عن شعب بأكمله.. ووصَل الأمر أحياناً لأن يقف محمد عبدالقدوس وحيداً حاملاً ميكروفونه فى يد وعَلَمَ مصر فى اليد الأخرى.. وبينما جحافل الأمن المركزى (المغلوبة على أمرها) تسحقنا فى تظاهراتنا القليلة العدد، كان كبار الكفائيين كعبدالوهاب المسيرى يصرون على أن نهتف ونحن نتساقط.. سلمية.. سلمية.. كان كل منّا على ثغر من ثغور الوطن يذود عنه.. وكان الثغر الذى تشرّفتُ مع آخرين بالذود عنه هو جبهة المال العام الذى تداعى عليه الأَكَلةُ من مصاصى الدماء.. وانبثقت من كفاية كل حركات المقاومة فى نهايات عصر مبارك.

فى البداية تعامل المصريون مع هذه الثُلّة المجاهدة بالدهشة.. ثم تحولت الدهشة إلى إشفاق.. وتحوّل الإشفاقُ إلى إعجاب.. ثم تحوّل الإعجابُ إلى تضامن.. وتحوّل التضامن إلى انضمام.. ثم احتضنتهم مصرُ وذابوا هم بين الملايين التى نزلت إلى الميادين لتخلع الطاغية.

نسأل الله تعالى أن يتقبل ما دفعه أبطال كفاية من أثمان من أجل هذا الوطن المبتلى.. أثمان يعرف المصريون بعضها، كالثمن الذى دَفَعَه أحد منسقى حركة كفاية العظام.. العالم الوطنى الجليل الدكتور عبدالوهاب المسيرى عندما اختُطف من ميدان السيدة زينب وهو فى السبعين من عمره مريضاً بالسرطان، وأُلقى فى الصحراء مع زوجته العالمة الجليلة الدكتورة هدى حجازى فى برد يناير، فأُصيب بالتهاب رئوى شديد ومات بعد ذلك بستة شهور. وكالثمن الذى دَفَعَه منسق آخر لهذه الحركة النبيلة الصحفى الوطنى الدكتور عبدالحليم قنديل الذى ضُرِب ضرباً مُبّرحاً ثم تم تجريده من ملابسه وتُرِك فى منطقة نائية فى ليلة قارسة البرودة، مع تحذير له بألا ينتقد مظاهر التوريث مرةً أخرى.
وغير ذلك من أثمان دفعها رموز كفاية المشهورون، فضلاً عن أثمان أخرى دفَعَها المئاتُ من شباب كفاية ومجهوليها دون أن يشعر بهم أحد.

عودة إلى السيرة العطرة.. سيرة كفاية.. فمنذ أيام سألتنى صغرى أبنائى بأسىً (لقد أفنيتم عمركم فى سبيل الوطن الذى تغرسون فينا محبته ولم تأخذوا من حطام الدنيا شيئاً إلا السمعة.. وها هم الفاسدون الذين قاومتموهم يعودون أكثر تبجحاً ويتهمونكم بما هم متهَمون به.. ففيمَ كان النضال؟).. فقلتُ لها : يا ابنتى.. بعد عشرين عاماً من المقاومة غير المتكافئة من البطل عمر المختار وصحبه ضد الاحتلال الإيطالى.. وبعد أن خان من خان، وباع من باع، وأطبق المستعمرون على الثُلّة القليلة المتبقية.. سأله أحدُ الصامدين معه (لماذا نستمر فى المقاومة واحتمالاتُ النصر منعدمة؟)، فأجابه البطل الثمانينى (لكى يفخر أحفادنا ويقولوا عندما يتحدثون عن زماننا: كان هناك رجال). فلا تجزعى يا بُنيّتى مِن هذا التطاولِ مدفوعِ الثمن الذى ينفجر فى وجوهنا، ويظن أنه يستطيع إعادة كتابة التاريخ على هواه.. سيذهب أبوكِ وزملاؤه فى كفاية إلى دار الحق.. وسيذهب مبارك وأعوانه ومحاموه وإعلاميوه ومذيعاته وفضائياته واستوديوهاته التحليلية وكل هذا الغثاء.. وسيذهب العجوز المتطاول، ويَبلَى الروبُ الذى يرتديه والنقود التى يتقاضاها.. وستجلسين إلى أحفادك ذات يوم يسألونكِ، كيف تجرّأ هذا النظام الفاسد المستبد على مصر فى هذه الفترة المخصومة من عمر الوطن وسعى للتوريث دون أدنى اعتبار للشعب، ألم يكن هناك من يقاوم؟.. عندها ستتذكرين أباك وزملاءه وتترحمين عليهم ثم تتسع ابتسامتُك وتقولين لأحفادك بفخر (لا.. لقد كان هناك رجال).. يُرضينا ويكفينا أن يكون هذا نصيبَنا من الدنيا.

اتصور ان هذا رد كافي لمن القى السمع و هو شهيد

                                         مقال المهندس حسن يحيى كاملا هنا


و دمتم سالمين

No comments:

Post a Comment

AddThis